فوضى الفيديوهات
خرجت علينا دراسات في الفترة الأخيرة تحذر من الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن من شأن ذلك جعلنا جُزرًا منعزلة عن بعضنا البعض وسببًا للتفسخ الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة، حتى خرجت علينا نفس هذه الأسر ببدعة جديدة وهي عمل فيديوهات على اليوتيوب؛ إما لعرض مناسبات اجتماعية خاصة بالأسرة أو اسكتشات تمثيلية فيها مناقشة لموضوعات مختلفة تهم المجتمع أو فيديوهات في صورة مقالب بين أفراد الأسرة.
وبعيدًا عن كل ذلك عمل قنوات للطبخ، وكل هؤلاء يشتركون في هدف واحد ألا وهو تحقيق نسبة معينة من المشاهدة بهدف الربح؛ فإدارة يوتيوب تُحاسب صاحب الفيديو حسب عدد المشاهدات واللايك والشير كما يقال آخر كل فيديو؛ فهو يوصيك بعد المشاهدة بضرورة اللايك والشير، الأمر الذي أَثَّر إلى حد كبير في أخلاق المجتمع وشواهد ذلك كثيرة؛
مجموعة من المراهقين يصورون فيديو فيه أحدهم يرى شخصًا بالقرب من القمامة يقلب فيها؛ فيضربه من الخلف طارحه أرضًا على القمامة فيضحك الضارب ويضحك زملاؤه الآخرون، وينزل هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي آملين تحقيق نسبة المشاهدة العالية، أيضًا مجموعة من الشباب يوقفون رجلًا مسنًا يعمل في النظافة ويقومون بإهانته وضربه وسط الاستهزاء والسخرية،
كواجب اجتماعي على العاقلين يجب ألا يتعاملوا مع ظاهرة فوضى الفيديوهات على أنها أمر عادي من الطبيعي الاستسلام لها؛ بل يجب التحذير منها والتنبيه على أنها أمر غير طبيعي تسبب أمراض أخلاقية كالجشع الذي يُعطل العقل عن التمييز بين الصحيح والخطأ والحق والباطل من أمر الإنسان كل ذلك من أجل تحقيق المكسب المادي ولو على حساب خصوصيته وخصوصية أقرب الأقربين إليه؛ مثلها مثل ظاهرة السيلفي التي ربَّت في النفوس الاكتئاب وعدم الرضا عن الشكل، الأمر الذي دفع البعض لعمل عمليات تجميل لتعديل الشكل غير المَرضي عنه؛ ليحصل على رضا نفسه في شكله المُعدَّل ورضا الآخرين.