حرب البوسنة…. جريمة القرن بحق المسلمين

موجز حماك
في داية تسعينيات القرن الماضى اتجهت الأنظار نحو أكبر دول البلقان و هي يوغوسلافيا, الدولة التى حكمتها الشيوعية منذ الحرب العالمية الثانية و نجحت فى دمج الدول السبع (صربيا – كرواتيا – البوسنة و الهرسك – سلوفينيا – الجبل الأسود – مقدونيا – كوسوفو) في دولة واحدة تعد من أقوى دول منطقتها تحت قيادة الزعيم اليوغوسلافي يوسيب بروز تيتو. بوفاة هذا الرجل بدأت الحركات القومية في هذه الدول بالظهور, و علت الأصوات بالإستقلال عن يوغوسلافيا. بدأت سلوفينيا بالإنفصال عام 1991, أتبعتها كرواتيا ثم مقدونيا, و عندما أظهر مسلموا البوسنة النية فى الإنفصال عارضهم صرب البوسنة بقيادة رادوفان كارادجيتش الموالين للعاصمة الصربية بلجراد, و هددوهم بالإبادة إذا إنفصلوا عن جمهورية يوغوسلافيا.
و بالفعل أعلنت البوسنة و الهرسك الإنفصال عن يوغوسلافيا في مارس 1992 بعد أن وافق 99% من مسلمي البوسنة في إستفتاءٍ شعبي على هذا القرار, و من هنا بدأ العدوان
ثلاث سنوات بدأت فى إبريل من عام 1992 و حتى نوفمبر 1995 شهدت البوسنة و الهرسك أبشع جريمة في هذا القرن بعد الحرب العالمية .
حرب البوسنة و الهرسك في أرقام
هذه بعض الأرقام التى نتجت عن حرب البوسنة و الهرسك و إعتداء الصرب الأرثوذكس و الكروات الكاثوليك على مسلمي البوسنة و الهرسك:
أكثر من 200.000 قتيل –
إثنان مليون لاجئ و نازح – أي نصف السكان –
60000 حالة إغتصاب-
أكثر من 26 مذبحة ضد مسلمي البوسنة -المعروف منها فقط هي مذبحة سريبرينيتسا- التى راح ضحيها أكثر من 12.000 مسلم بوسنوي في يوم واحد
حصار , قصف و تجويع سراييفو العاصمة البوسنية خلال سنوات الحرب الثلاث –
تطهير عرقي لمعظم قرى و مدن البوسنة, و إستبدال المدنيين الصرب مكان المسلمين –
تدمير أكثر من 650 مسجد في مدن و قرى البوسنة و الهرسك, و حرق أكثر من مليون- و نصف كتاب و مخطوطة
كان الهدف الرئيسي هو القضاء على المسلمين و الإسلام من البوسنة و الهرسك بشكل كامل. و إلى يومنا هذا تكتشف المقابر الجماعية و تشيع الجنازات و تقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء
خلال العدوان الصربي و الكرواتي على البوسنة, طالب زعيم مسلمي البوسنة علي عزت بيجوفيتش رحمة الله المجتمع الدولي و الدول العربية و الإسلامية مساعدة شعبة بالسلاح و بالغذاء و الدواء و العون للوقوف أمام هذا العدوان الغاشم. و خلال سنوات الحرب وصلت بعض الإعانات, و يوماً بعد يوم إستطاع المقاتلين البوسنيين و بعض المقاتلين العرب و المسلمين في إسترداد العديد من المدن و القرى من قبضة مجرمي الصرب و الكروات, حتى أنهم تقدموا الى أن وصلوا بالقرب من عاصمة صرب البوسنة بانيالوكا, و حين ذاك تدخل المجتمع الدولي بقيادة أمريكا لوقف هذا التقدم و من ثم وقف الحرب فى نوفمبر عام 1995 بإجبار الجانب المسلم على التوقيع على معاهدة دايتون للسلام و التى أدت إلى تقسيم البوسنة بين المسلمين و الصرب
فترة ما بعد حرب البوسنة
خلال عقدين منذ نهاية الحرب قُدم أكثر من 160 صربي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة إرتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية و إبادة جماعية, من أبرز المتهمين الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشوفيتش الذي عثر علية ميتا في زنزانتة عام 2006, كما يمثل الآن زعيم صرب البوسنة رادوفان كارادجيتش و قائد قواتة المنفذ لمذبحة سريبرينيتسا الجنرال راتكو ملاديتش أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي
منذ ذلك الحين يعيش المسلمين جنباً الى جنب مع صرب البوسنة و الكروات بلا مشاكل تذكر, و بالرغم من إنخراط البوسنة فى المجتمع الأوروبي و تمتعها بالأمن و الإستقرار و إنتعاش السياحة و الإستثمار و إقبالها على الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي, إلا أن شوارع مدن و قري البوسنة و الهرسك لا تزال تشهد آثار هذه الحرب الضارية, فإلى الآن بإمكانك مشاهدة جدران بعض البنايات في سراييفو مليئة بآثار الرصاص, و شوارع لم تخلو من آثار القذائف .. و إن خلت, فإن ذاكرة الشعب البوسني لم تنسى العدوان, و أهالى الضحايا لم و لن ينسوا ذويهم.