Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آراءدوليصورة و خبر

صقر يكتب: قبل أن تبيدوا

محمود صقر

بقلم/ محمود صقر

جزء لا ينفصل عن قراءة المشهد الحالي الذي نقف فيه وجهاً لوجه مع مشروع الهيمنة الغربي هو قراءة تاريخ السلب والنهب الذي قامت به الحضارة الغربية .
هذه الحضارة التي تقوم في بُعدها الفلسفي علي سيادة الرجل الأبيض، فمنذ الحضارة اليونانية قسمت الفلسفة الأفلاطونية البشر إلى صنفين : (يونان عاقلين، وبرابرة متوحشين).
وعلى ذات الدرب سار “أرسطو” وبرر فلسفته بأن الطبيعة أعطت لأجسام اليونانيين ما لم تعطه للبرابرة ( غير اليونانيين ).
بهذه النظرة المتعالية أبادت الحضارة الغربية حضارات بأكملها من أجل الهيمنة والسيطرة والسلب والنهب، أبادوا حضارة الهنود الحمر للسيطرة على العالم الجديد ( الأمريكتين ) ، واعتبروها أرضاً بلا شعب ( لأن سكانها من البرابرة ) في حين أن كتب التاريخ تذكر ( أن الأسبان أصابتهم الدهشة حين وصلوا إلى العالم الجديد ووجدوا نُظماً متقدمة في الصناعة والزراعة والاقتصاد بما فيها نظم متعددة للري ، وتسوية المنحدرات الجبلية ، وبناء الجزر الصناعية في البحيرات ، ووجدوا أسواقاً لم يشاهدوا مثلها في الاتساع وحُسن الترتيب والنظام والكثرة من الناس في أسواق أوربا )

( نقلاً عن كتاب الحمر والبيض والسود تأليف : Gary B. Nash ) .
وبالتزامن مع إبادة الحضارة الهندية بدأت الهجمة على أفريقيا لاستجلابهم كعبيد في العالم الجديد ، ويصور نفس الكاتب ما كانت عليه أفريقيا في القرن الخامس عشر ، ” لم تكن الفجوة الحضارية بين الشعوب الأوربية والأفريقية كبيرة ، فقد كان في أفريقيا عدة ممالك مستقرة مثل إمبراطورية مالي وعاصمتها ” تومبُكتو” المشهورة بثرائها الواسع وجامعتها الإسلامية التي بها هيئة تدريس ممتازة ، وممالك أخرى أصغر مثل مملكة غانا والكونغو وبنين وقد مَهر السكان الأفارقة في أعمال المعادن والنسيج والصناعات الخزفية والمشغولات الفنية الدقيقة وضارع كثير من مدنها المدن الأوربية في حجمها … “
تم استنزاف هذه الحضارة على مدار أربعة قرون من الزمان(ومازال)، تم خلالها القيام بأكبر إبادة جماعية عرفها التاريخ بنقل عشرة ملايين أفريقي للعمل كعبيد في العالم الجديد، والعشرة ملايين هؤلاء هم الناجون من مائة مليون أفريقي قضي معظمهم غرقاً في الطريق أو انتحاراً أو مرضاً وجوعاً.
وكان من آثار انتعاش تجارة العبيد، ترك الأفارقة لصناعتهم وزراعتهم وتجارتهم ، وممارسة أعمال الإغارة والسلب بين القبائل للحصول علي العبيد، وبادت ممالك وانحطت أمم ، واندثرت فنون .
وحتى لا نذهب بعيداً ففي القرن العشرين مارست الحضارة الأوربية واحدة من أخس وأحط الوسائل للسيطرة على حضارة كبيرة وأمة عظيمة وذلك فيما عُرِف بحرب ” الأفيون” ضد الصين .
فالغرب في سبيل السيطرة والهيمنة والاستغلال لا يعرف أسلحة أو وسائل محرمة، فكل الأسلحة مسموحة ، وكل الوسائل مشروعة .
الفارق بين الغرب أمس واليوم هو فقط بعض مساحيق التجميل العصرية، فهو اليوم يخوض حربه الضروس ضد الحضارة الإسلامية باسم: الحرية ، حقوق الإنسان ، حقوق المرأة ، البحث عن أسلحة دمار ، وصولاً إلى ” محاربة الإرهاب ” .
صورة واضحة ليست في حاجة إلى إلقاء مزيد من الضوء حتى توقظ النائم ، وتحرك المُقعَد ، ولكن من وراء هذه الصورة رسالة يجب أن نعيها جيداً .
الأمر الأول : طمع الغرب في السيطرة والهيمنة ليس قدراً ليس أمامنا إلا الاستسلام له ، فالصين التي مارسوا ضدها حرب الأفيون ، هي اليوم قوة عظمى ، والهند التي سلبوا خيراتها واستعبدوها قروناً هي اليوم دولة عظمى .
الأمر الثاني : أنه لولا الإسلام ديناً وعقيدة لبادت حضارة تلك المنطقة من العالم ولتبدلت لغتها ولصارت تماماً مثل الهنود الحمر بعض آثار يستخدمها الغرب لزوم الجذب السياحي .
والغرب يعلم تماماً هذه الحقيقة ، ولذلك فالحرب الخفية في هذا الصراع هي: (الحرب ضد الهوية الإسلامية) .
ولزوم العصرنة والتجمل لا يقوم الغرب وحده بتلك الأعمال القذرة، بل يوظف وكلاء عنه يمارسون نفس دور موردي العبيد من القبائل الأفريقية. 
ففي سوق النخاسة هناك وظيفة مربحة يقوم بها كتائب من خُدام مشروع السلب والنهب الغربي، مهمتهم الأولي حرث الأرض وتمهيدها لخدمة مشروع السلب والنهب الغربي بضرب الهوية الإسلامية، وقتل روح المقاومة.
صورة واضحة ، ما عليك إلا أن تتأملها لتمتلك أسلحتك في معركة الوعي:
اقرأ ، تعلم ، حلل ، افهم …. ، قاوم ، قاوم ، قاوم …من هنا نبدأ .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى