كثرة العتاب تفرق الأحباب

لماذا نملأ حياتنا بتتبع أخطاء الآخرين والإصرار على طرحها ومناقشتها ؟! ونفقد بذلك دقائق وساعات بل ربما أياما ، نناقش ونتفاعل ونتأزم، بل حتى عندما نتسامح تبدأ الذكرى ونتذكر تلك اللحظات المؤلمة، ومالنا لا نتذكر، وقد سمحنا لتلك الأخطاء أن تتخذ لها مكانا في ذاكرتنا بمناقشتها والبحث في ثناياها .. وذهبت أيامنا كلها حزنا في حزن.
التغافل عن الأخطاء ليس تأكيدا للخطأ أو عدم اهتمام به، وليس سذاجة ولا غباء ولا ضعف، بل هو الحكمة بعينها , قال أهل الفضل: “لا يكون المرء عاقلاً حتى يكون عما لا يعنيه غافلاً ” و قال عثمان بن زائدة: قلت للإمام أحمد: العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل، فقال: “العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل” وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور.
فما أجمل أن تكون صيغ وكلمات العتاب معبرة وموحية وممزوجة بالحب والعطف والشفقة على محدثه؛ لتنفذ هذه النصائح والكلمات إلى قلبه فيتأثر بها ويعمل بمقتضاها.