
السيد وزير خارجية المغرب قاطع مسيرة التضامن المليونية «مسيرة الجمهورية» التي قدم للمشاركة فيها بسبب رفع الجماهير ملصقات لرسوم شهداء «شارلي هبدو» السابقة، التي يعتبرها السيد وزير الخارجية وربما بلاده وبقية بلدان بني يعرب مسيئة للرسول. هذا بالضبط كان ملخص مقالنا يوم امس. من ان جماهير بني يعرب يستنكرون الطريقة التي عوقب بها رسامو «شارلي هبدو» ولا يستنكرون مصادرة حقهم في التعبير. يستنكرون كما عندنا اعتقال صالح الملا وليس منع مبارك الدويلة من التعبير عن رأيه.
انه الموقف المبدئي من حرية التعبير. والسيد وزير خارجية المغرب، وليسمح لنا هنا، «لا يدري وين الله حاطه». فالمسيرة اصلا ليست تعزية في مقتل الضحايا ولا تضامنا مع اسرهم، فمثلهم واكثر مع الاسف يقتل يوميا في كل مكان. ولكنها دفاع عن حرية التعبير وانتصار لحق إبداء الراي.
في حادثة «11 سبتمبر» قتل الآلاف من الضحايا، وانهار اكبر مجمعي تجارة في العالم، لكن لم يقف العالم متضامنا مع الضحايا ولم يخرج الاميركان في تظاهرات مليونية تندد بالعملية. بعد ذلك في اسبانيا وكينيا وغيرهما قتل الكثيرون من قبل ذات الارهاب والارهابيين. تعاطف العالم واستنكر قتل الابرياء ومعاقبة من لا ذنب له. لكنه لم يهتز ولم ينتفض الفرنسيون بهذا الزخم او ينتصر احد غيرهم كما انتصر لضحايا «شارلي هبدو». التعرض لحرية الرأي امر آخر عند الاحرار الحقيقيين، وعند من يقدس فرديته ويحترم حقوق الآخرين قبل حقوقه. بني يعرب، ووزير خارجية المغرب ان صدق ظني عربي قح، يعتبرون الانسان عبدا للملوك والامراء والشيوخ والعادات والتراث، وقبل كل هذا «عبدا لله»، لهذا كانت المغرب تعزي في الضحايا ولم تكن تدعم حرية التعبير وحق رسامي «شارلي هبدو» في ان يفكروا كما يشاؤون. لهذا ايضا كان من حق السيد وزير خارجية المغرب ان ينسحب من المسيرة. وكان ملتزما بموروثه وتقاليده.. ولكن لنا ولغيرنا ان نتساءل «شم موديك؟».. واستخدمنا اللهجة المحلية المعبرة هنا لانها في اللغة العربية «ما الذي دفعك للذهاب الى هناك؟».. طويلة وغير معبرة.
الافريقي المسلم امادي كوبالي الذي قتل الرهائن اليهود في متجر الاغذية بباريس، قال انه فعل ذلك من اجل فلسطين. اهم ابرز نتائج عملية الاخ اتخاذ جماعات يهودية متعددة قرار مغادرة فرنسا والالتحاق ببني جلدتهم في فلسطين. جهاد الالفية الثانية تحول من طرد اليهود من فلسطين، او رميهم في البحر الى حضهم ودفعهم للهجرة الى اسرائيل.. يعني بناء مزيد من المستوطنات وسرقة اراض جديدة.