حوادث وقضاياصورة و خبر
أخر الأخبار

ما حقيقة تمرد الزوجات وعقوق الأولاد في أسر المهاجرين المسلمين في ألمانيا ؟

خاص – حماك

أدّت الأحداث في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما في سورية والعراق إلى نزوح ملايين البشر عن بلادهم ،وقد كان النصيب الأكبر من التهجير للسوريين حيث يقدر عدد الذين هجّروا من ديارهم بنحو 12 مليون مهجر ما بين هجرة داخل سورية وأخرى خارجها، وفي لغة الأرقام الخارجية فقد  ذكر تقرير لعام 2022 الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR).أن عدد اللاجئين السوريين حول العالم 6.6 قد بلغ  ملايين. وهؤلاء يتوزعون في عدة دول عربية ودول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وكندا واستراليا .

وقد كان لألمانيا النصيب الأكبر من اللاجئين ، حيث يقدر عدد السوريين الذين وصلوا لألمانيا منذ 2014 بنحو 800،000. وبعد نحو عشر سنوات من اللجوء القسري إلى ألمانيا ، وقد وجد اللاجئون في ألمانيا الترحاب واحترام حقوق الإنسان ، ومفهوم دولة القانون، ونالهم ما يتمتع به المواطن الألماني من صحة وتعليم واحترام لحقوق الإنسان ، وهذه الهجرة القسرية تمخض عنها نجاحات وإخفاقات ،فثمة قصص نجاح حققها المهاجرون على المستوى الفردي، وثمة قصص فشل أصابت بعض  الأسر ،حيث انتشرت حالات الطلاق ، وبرزت ظاهرة تمرد الزوجات وعقوق الأولاد نتيجة القوانين التي تضع المرأة أولًا ومن ثمة الطفل ،وهنا تنتفي حقوق الرجل المعمول بها في الشريعة الإسلامية ،وثمة مشكلات أخرى منها تخوّف الأسر من سحب أطفالها من قبل “اليوغند آمت” فضلًا عن المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الأسر بتوعية الأبناء من الشذوذ والمثلية والإلحاد .

بين فقدان الوطن وفقدان الأسرة

القصص المؤلمة كثيرة ، وهناك من استخدم وسائل التواصل الاجتماعي سبيلًا لعرض قصته وما تعرض له ، وثمة من فضّل الصمت ،وإن وصلت إليه وسيلة إعلامية فإنه إما أن يمتنع أو أنّه يصرح باسم مستعار ،والسبب غالبًا الحرص على سمعة أبنائه ولا سيما “البنات”

“أبو محمد” كما عرّف بنفسه ، قال لحماك: وصلت وأسرتي المكونة من زوجة وثلاثة أطفال “ولدان 9سنوات وسبع سنوات، وبنت 11 سنة ” إلى ألمانيا في عام 2015،وكانت رحلة شاقة من سورية إلى تركيا ومنها ركبنا ” البلم” مع عشرات اللاجئين إلى اليونان ،وبعد وصولي لألمانيا كانت الأمور في بدايتها جيدة، ولكن المشاكل تفجّرت بيني  وبين زوجتي منذ ثلاث سنوات، بعد أن دخل أطفالي في سني المراهقة، حيث تمنعني من أن أوجه ابني أو اطلب من ابنتي الحجاب، بل عملت على كسر هيبتي ودفعهم للتمرد علي ،وحين رأت إصراري على زرع القيم التي تربينا عليها فيهم ، فقد لجأت وأولادها للشرطة، حيث تم إبعادي عنهم ،ومنعت من اللقاء بهم، وانتهى الحال إلى الطلاق .

الخوف من التفكك الأسروي

عن الظروف التي غيّرت من واقع الأسر المسلمة  التي لجأت إلى ألمانيا قال المحامي عبد الرزاق الزرزور المتخصص بالأحوال الشخصية  لحماك:  تمثل رحلة اللجوء إلى ألمانيا العديد من التحديات، لا سيما بالنسبة للعائلات الهاربة من البلدان العربية الإسلامية.

ولعل أول أمر بات بحاجة لمكاشفة وحلول يتمثل بظاهرة تمرد الزوجات ، ونحتاج إلى تسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء ذلك وهذا غالبًا يتبعه  عصيان الأطفال لأوامر الآباء ، وما تلاه من انهيار العائلات العربية الإسلامية خلال هذه الرحلة. في حين أن هذا الموضوع يتطلب تحليلا شاملا ، وأضاف؛ بنظرة عامة موجزة عن العوامل الرئيسة التي تساهم في هذه الظاهرة يمكن أن نرجعها لعدة أسباب ومنها

 1- البحث عن الحرية: غالبا ما تنطوي رحلة اللجوء على السعي وراء الحرية، بعيدًا عن الأنظمة القمعية والقيود الثقافية. يمكن لهذه الحرية المكتشفة حديثًا أن تقود الزوجات ، اللائي تعرضن لقيود مجتمعية ،إلى تحدي الأدوار التقليدية للجنسين، وعصيان أزواجهن ، والسعي إلى مزيد من الاستقلال.

 2-الصدامات الثقافية: يمكن أن يؤثر الصدام بين القيم التقليدية والمعايير الليبرالية السائدة في ألمانيا بشكل كبير على أداء الأسرة العربية والإسلامية .وقد يؤدي التعرض لثقافة مختلفة إلى تحدي الأطفال لسلطة والديهم والتشكيك في المعايير العربية الاسلامية المعمول بها داخل أسرهم

3- الاكتفاء المالي وشعور الزوجات باستقلالية المورد دون الاعتماد على عمل الزوج يدفعهن لمناكفة الزوج ومنافسته على قيادة الأسرة، مما يفقد قدرة الزوج على فرض النظام داخل الأسرة ، حينها يبدأ الصدام بين الزوجين وتنشق الأسرة لصالح الزوجة لاصطفاف الاولاد بشكل عاطفي طبيعي للأم ، وطرد الزوج خارج مسكن الزوجية في ظل العجز التام الذي تفرضه القوانين والعادات الأوربية .

وللأسف لا توجد احصائية حقيقية لتلك الظاهرة التي باتت تزداد وتيرتها بشكل مقلق.

الوجه الآخر

وردّا على سؤال “حماك” للسيد الزرزور عن الأسر التي حافظت على قيمها ، قال :هذه الصورة التي ذكرناها لا تنطبق على جميع الأسر ، فثمة أسر هنا حافظت على قيم التربية الإسلامية وهذا أيضًا يعود للزوجة ” الصالحة” على حد وصفه ،وأضاف ، كل نجاح هنا في الأسر يعود أولًا للزوجة ، فقد صنعت ظروف اللجوء في الغرب حالة تمايز واضحة للعيان ، فالأم المتمسكة بدينها وقيم مجتمعها لم تغرها قوانين البلد ولم تخرج على زوجها ولم تدفع أولادها للتمرد ، بل كان الالتزام والخلق الرفيع والتفوق العلمي سمات لأبناء تلك الأسر.وختم حديثه قائلًا ، لا يمكن أن ننسى النجاحات الفردية التي حققها اللاجئون  فلجوء الأسرة العربية الهاربة من الحروب والكوارث إلى أوربا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص ، أبرز ظاهرة جديرة بالاهتمام وهي تفوق الكفاءات العربية من كل الأعمار والمهن والاختصاصات العلمية على أقرانهم من القوميات الأخرى الأمر الذي جعل الحكومات الأوربية والألمانية بالتحديد تشعر بالاعتزاز والدفاع عن قرارها بفتح الحدود أمام موجات الهجرة القادمة من الشرق .

الحلول

جل الذين استطلعت آراؤهم كان لديهم شبه إجماع على أن الخلل الذي حصل في بعض الأسر يعود إلى تماهي كثير من النساء مع القوانين المعمول بها هنا حيث تمنح تلك القوانين المرأة ميزات كثيرة، ولعل هذا الأمر يتسق مع المجتمع الألماني، ولكنه يصطدم مع طبيعة المسلم، وأن التدين الشكلي لدى بعض النساء ،قد جعلهن يفضلّن الواقع الجديد على القيم التي أمر بها الدين الإسلامي، فضلًا عن أن امتهان كرامة المرأة من قبل بعض الأزواج في المجتمع ما قبل اللجوء قد جعل المرأة تفكر هنا بمنطق مختلف ،وأنها الآن قادرة على العيش بظل حماية القانون لها، وهناك أمر آخر كان سببًا لتدمير كثير من الأسر ، وهو وسائل التواصل الاجتماعي حيث تعرض بعض النسوة ما فعلن بأزواجهن ،مما شجع أخريات على التصرف ذاته .

وخلاصة الرأي أن الحل يكمن في :

  • ترسيخ قيم الدين الإسلامي في الأسرة ،والعمل على الحفاظ على الأسرة المسلمة وهذا يحتاج لتكوين جمعيات إسلامية تعنى بهذه الأمور وتعمل على نشر الوعي بين النساء .
  • لابد من تشكيل فريق قانوني ،يعمل على مخاطبة الجهات الألمانية بوصف ألمانيا بلدًا يحترم القانون ويصون الحريات ،فيما يخص سحب الأطفال المسلمين من أسرهم، وكذلك مراعاة نمطية الأسرة المسلمة ،وصولًا إلى حق المسلمين في التعامل بالأحوال الشخصية الإسلامية من زواج وطلاق وإرث ،كما هو مطبق في البلاد العربية بحق غير المسلمين في التعامل بأحوالهم الشخصية الخاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى