مبارك المطوع يكتب/ نتنياهو على منبر الأمم المتحدة… عزلة المجرم أمام أعين العالم

بقلم/ المحامي مبارك سعدون المطوع
في السادس والعشرين من سبتمبر 2025، اعتلى مجرم الحرب نتنياهو رئيس وزراء الكيان المحتل منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، محاولًا ـ كما اعتاد في كل إطلالة دولية ـأن يقدّم روايته المزورة عن الاحتلال وأن يجمّل سجلًا أسود ملوثًا بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، غير أنّ المشهد الذي رافق خطابه كان هذه المرة أبلغ من أي كلمة تقال (قاعة شبه فارغة)، غاب عنها ممثلو العالم، ولم يبقَ فيها سوى وفود مجموعة دول تعد على أصابع اليد.
هذا الغياب الكاسح لا يمكن قراءته إلا باعتباره رسالة سياسية وأخلاقية صارخة؛ فالشرعية الدولية لم تعد تمنح حضورها لشخص ارتبط اسمه بالقتل، التهجير، والحصار والتجويع وقصف المستشفيات ودور العبادة؛ إن مغادرة الوفود الأممية للقاعة هي شكل من أشكال العقاب الرمزي، وإعلان بأن المجتمع الدولي بما يمثل من شعوب وقيم لم يعد مستعدًا للاستماع إلى خطاب منبوذ مبني على الأكاذيب والإنكار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المكلوم.
بكل تأكيد كان استمرار حضور بعض الوفود متوقعًا؛ إذ ما زال هناك بعض الدول تواصل انحيازها الأعمى للاحتلال، ضاربين بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن عرض الحائط، بينما انسجمت بعض الوفود الأخرى مع توجهاتها السياسية الداخلية التي تجد في خطاب الاحتلال ما يعكس أولوياتها.
إن هذه الانسحابات العالمية تكشف حجم العزلة السياسية والأخلاقية التي تلاحق ممثلي الكيان المحتل الذين حضروا ليعبّروا عن وجه كيانهم الغاصب أمام العالم؛ فبينما يحاول الاحتلال إظهار نفسه كدولة طبيعية، تأتي الأمم المتحدة لتؤكد مرة أخرى أنّ العالم لم يعد يتقبّل خطاب القوة الغاشمة، ولا يساوي بين الجلاد والضحية.
من منظور قانوني وحقوقي، فإن هذا السلوك الجماعي داخل أروقة الأمم المتحدة يرقى إلى تصويت وتعبير عن رفض عالمي لسياسات تنتهك بشكل صارخ كافة قواعد القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وقرارات محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، وهو دليل إضافي على أنّ رواية الاحتلال لم تعد قادرة على الصمود أمام حقائق الإبادة والجرائم الموثّقة.
إنّ ما جرى في قاعة الأمم المتحدة يوم 26 سبتمبر 2025 سيظل شاهدًا على عزلة الاحتلال وتهاوي خطاب قادته.