متى تقام المحاكمات الشعبية للمجرمين المتفلتين من العقاب؟
مبارك المطوع- رئيس تحرير صحيفة حماك||
ثمة مبدأ معمول به في القوانين المحلية والدولية فيما يخص الجرائم ضد الإنسانية باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم كبقية الجرائم الأخرى التي تحتاج مدة زمنية معينة أو وفاة صاحبها، ولكن في الجرائم ضد الإنسانية فثبات الجريمة وضرورة العقوبة والتعويض.
مبدأ إنساني راق، من حيث الشكل، ولكنه غير مطبق بشكل فعلي على الأرض، فهو انتقائي يخضع لمعايير سياسية مجحفة ما يجعل السياسة تتغلب على القانون وليس العكس!
في عصرنا الحالي من حاسب قادة الصهاينة المجرمين على ما ارتكبوه من فظائع ضد الفلسطينيين والعرب؟ بل كرم بعضهم بجائزة نوبل وقبل ذلك كان موضوعًا على قوائم مجرمي الحروب! من اعترض على انتخاب شارون أو رابين أو بيريز رؤساء وزراء للكيان؟ والقائمة تطول من الأسماء المتهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.. من حاكم بوش الابن على ما ارتكبه في العراق؟ من حاكم بشار الأسد ومعه بوتين وخامنئي وحسن نصر الله على الجرائم التي ارتكبت وما زالت في سورية؟
من حاسب الحوثي على جرائمه في اليمن؟ من سيحاسب حميدتي في السودان؟ وهكذا سوف نبقى نعدد أسماء المجرمين في مجازر تركب في القرن الحادي والعشرين، في زمن يوصف بأن شعاراته الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة وحق الحياة..!
الجرائم ضد الإنسانية الوصف والخطورة
رغم أن مصطلح الجرائم ضد الإنسانية ظهر في 1907، إلا أنه في 1945 قد نصّت المادة 6/ج من ميثاق لندن على أن “جرائم ضد الإنسانية”، هي القتل عمدًا والنفي والاستعباد وغير ذلك من الأعمال اللا إنسانية التي ترتكب ضد السكان المدنيين قبل وأثناء الحرب، أو أي أحكام تبنى على أسس سياسية أو عنصرية أو دينية في تنفيذها، أو فيما يتعلق بأي جريمة داخل نطاق اختصاص المحكمة.
سواء كونت أم لم تكون انتهاكات للقانون الوطني للدولة التي وقعت بها مثل هذه الجرائم والانتهاكات. وفي عام 1993 تم تأكيد ما جاء في ميثاق لندن، وذلك عندما أصدر مجلس الأمن “النظام التشريعي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة”.
وفي هذا النظام تم الإبقاء على ربط الجرائم ضد الإنسانية بالصراع المسلح، بموجب المادة (5) التي تطلبت حدوث الجرائم ضد الإنسانية إبان الصراع المسلح الداخلي أو الخارجي، والاختلاف بين رابطة الحرب الواردة بالمادة 6/ج من ميثاق لندن، والواردة بالمادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا يتعلق بالصراع ذي الصبغة الداخلية.
واستمرت التشريعات وكذلك الدعوات لمحاكمة من يقوم بمثل هذه الأعمال، وظلّت السياسة المستندة لقانون القوة هي المهيمنة على المشهد العالمي، فثمة قوى كبرى لا يحاسب قادتها، وثمة دول لم توقع على البرتوكول الخاص للمحكمة الجبائية الدولية، ودول تسمح قوانينها بمحاكمات ضد مجرمي الحروب ومرتكبي الإبادة الجماعية ولكن لا يوجد تنفيذ، والشواهد كثيرة.. فما الحل؟
المحاكمات الشعبية الوسيلة الأنجع
نظرًا لما جرى ويجري من جرائم ضد الإنسانية وتفلّت لمجرمين، فليس من حل أمام الشعوب المنكوبة وكذلك الشعوب المحبة للسلام سوى عقد محاكمات شعبية ضد أولئك المجرمين وإصدار أحكام تتعلق بكل مجرم، دون تدخل سياسي أو تأثير دولي، وهذا العمل يجب أن يبدأ أولًا بالمنظمات، ومن ثمة يتوسع لإيجاد محكمة عدل خاصة بالشعوب، وهو طريق طويل وشاق، ولكنه ليس مستحيلًا أمام إرادة الشعوب.