خبر عاجلشـؤون خارجيةصورة و خبر

متى تنجو سفينة الشرق ؟

تقرير حماك

محمد عبد العزيز

SHAR.1708.367.2

يعيش العالم أحوالاً مضطربة ، لاسيما منطقة الشرق الأوسط التي تعج بالمشكلات التي تؤرق الشعوب وتقض مضاجعهم وتفقدهم أهم متطلبات الحياة – عنصر الأمان –

المشهد معقد ومرتبك في المنطقة سواء على صعيد القضية السورية أو اليمنية أو الليبية أو الصراع السعودي الإيراني  ، والهجمات الإرهابية التي تحدث في تركيا بشكل مكثف في الأشهر الأِخيرة ، ولا يمكن أن نقصي مصر من المشهد فرغم أن البعض يظن أنها نالت الآمان والاستقرار، نجدها ترزخ  تحت حالة من الغليان جراء اقتصاد متردي وغلاء فاحش وقمع فاق الحدود .

اليوم الأربعاء 12 أبريل طالعتنا الصحف العالمية بعدد من الأخبار اقتطفت منها ما يلي :-  ” الجيش التركي يردّ على «داعش» بقصف مواقعه في إعزازا “

العنوان يؤكد أن تركيا أدخلت رغما  انفها في آتون حرب خفية ومستترة مع التنظيم الذي صنعه الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ليربك المنطقة ويقف أمام تقدم تركيا ، والآن شغلت تركيا في كيفية صد هجمات داعش .

العنوان الثاني ” روسيا تعترف بتحطم ثالث طائراتها في حمص ومقتل طاقمها ” ما يؤكد أن روسية متورطة في سورية وكان قرار انسحابها نصرا للمعارضة .

العنوان الثالث ” مفاوضات جنيف تستأنف اليوم.. وخروقات الهدنة إلى تزايد “

 العنوان الرابع ” اسطنبول تستضيف أعمال القمة الإسلامية الثالثة عشرة، التي تنظمها منظمة التعاون الإسلامي يومي 14 و15 نيسان/ أبريل الحالي”

 سوريةحشود تركية علي الحدود السورية

الواقع السوري يدمي القلوب وأرقام الجثث كل ساعة في تزايد ، فماذا بعد  أن قضى – ونحسبهم شهداء –  أكثر من 250 ألف سوري، لقوا حتفهم في الحرب، التي بدأت كاحتجاجات مناهضة للحكومة، لإسقاط نظام ديكتاتوري وإحلال نظام مدني يكرس للعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ، وتسبب الصراع أيضاً في نزوح نحو 15 مليون سوري من منازلهم ، بحسب تقديرات الأمم المتحدة وتشردوا بين الدول الأوربية ، استضافت منهم تركيا وحدها  نحو 3 مليون لاجئ وشهدت لها الأمم المتحدة بحسن معاملتهم . 

روسيا لا تفتأ تحمي النظام السوري  بكل الوسائل وأمريكا تتعامل بسياسة مائعة فتعرب فقط عن قلقها بشأن تصاعد العنف وتحمل الحكومة السورية مسؤولية معظم انتهاكات الهدنة الأخيرة ،  بينما تقف مكتوفة الأيدي أمام الدعم الروسي الإيراني الواضح للأسد الذي يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة.

إيران التي تدعو إلى حل سياسي للحرب السورية ، ترسل  قواتها الخاصة لتعزيز قوات  الأسد ، بينما ترفض  مطالب المعارضة برحيل بشار كشرط مسبق للسلام. ولا تتوقف إيران عن اتهام  المعارضة السورية بمضاعفة الأعمال العسكرية وانتهاك وقف إطلاق النار. وعلى الوجه الأخر عبرت الأمم المتحدة عن قلقها أيضا من تصاعد العنف في الآونة الأخيرة وألقت باللائمة فيه على قوات النظام التي تدعمها إيران.

 رغم التدهور الميداني غير مسبوق لاسيما في حلب ،  الا أن جنيف ستحتضن اليوم   الجولة الثانية من مفاوضات السلام غير المباشرة بين النظام والمعارضة السورية ، وفي نفس الوقت يقيم النظام الانتخابات البرلمانية السورية التي قال عنها جورج صبرا كبير مفاوضي المعارضة أنها والعدم سواء وهي مسرحية هزلية لا يعبأ بها ولن تؤثر على المفاوضات .

 اليمن

وجزء أصيل من المشهد المعقد في الشرق الأوسط الصراع اليمني الذي تسعى الكويت الأسبوع المقبل لإخماده عندما تقيم مؤتمرا للمصالحة  تستضيف  فيه طرفي النزاع  الحكومة المعترف بها والحوثيين في الكويت يوم 17 ابريل الجاري  ، لكن عزل رئيس الحكومة خالد بحاح من رئاسة الوزراء وتعيين علي محسن الأحمر يلقي بظلال  قاتمة على الموقف  .  المقاومة-الشعبية-في-اليمن

اليمن  بلد ذات ثروا كبيرة لكنها مبعثرة ولا يشعر بها المواطنين اليمنيين وهم يحملون واحدة من أعلى معدلات الفقر العالمي ، ولأن اليمن هو المخزون الديموغرافي للخليج فالكويت تسعى بقوة لإنجاح مؤتمر المصالحة رغم كل العقبات على هذا الطريق  .

المثلث السني الأقوى

تأتي زيارة الملك سلمان التاريخية لمصر ثم الخروج منها الى تركيا  لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي لتمثل حلقة مهمة في محاولة رأب الصدع في المنطقة ، فقد  كان من ضمن أهداف زيارته تقريب وجهات النظر بين مصر وتركيا  لتمثلا مع السعودية مثلثاً سنياً يواجه الأطماع الإيرانية في المنطقة والتي تستقوي بروسيا ، لكنه لم ينجح في ذلك لأكثر من سبب . أولها أن النظام المصري يلعب على جميع المتناقضات فيميل للنظامين الروسي والإيراني ولا يمانع من التضامن مع عدوهما النظام السعودي وهو لا يدرك أن السياسة كثيرا ما تفشل من يختار المواقف الرمادية ، السبب الثاني هو طلب السيسي من السعودية أن يتماهى  اردوغان معه ويعترف به حاكما شرعيا لمصر ويتوقف عن وصفه بالنظام الانقلابي الذي انقلب على رئيس مدني منتخب ، وهذا ما ترفضه تركيا شكلا وموضوعا وتكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تصر على موقفها من النظام المصري ، الجانب التركي على توصيف ما حدث في مصر يوم 3 يوليو عام 2012 انقلابا عسكريا وان مصر ترزخ تحت حكم عسكري ديكتاتوري وأكدت تركيا ذلك بإعلانها أنها لم تدعو السيسي للمؤتمر الإسلامي الوشيك .

 العاهل السعودية خلال زيارته للقاهرة

الملك سلمان يبذل جهودا حثيثة لتطوير العلاقات مع دول العالم الإسلامي المختلفة، مثل تركيا ومصر والسودان، لمواجهة إيران التي كانت  تهديداتها أحد أهم أسباب تطور العلاقات بين أنقرة والرياض في الآونة الأخيرة، خاصة بعد أن خففت الولايات المتحدة الأمريكية من ضغوطها على طهران عقب الاتفاق النووي، وهذا الموقف المتسامح جعلها أكثر عدائية وطمعاً في المنطقة، الأمر الذي انعكس تصاعدا وأسهم في عدم الاستقرار في العراق وسوريا واليمن.

 الموقف الإيراني والروسي إزاء ما يحدث في سوريا،  وميوعة الموقف الأمريكي وعدم ضمانها الأمن لبلدان المنطقة دفعها  للبحث عن قوة أخرى ، ويعول الجميع على السعودية وتركيا ومصر لمواجهة الأطماع الإيرانية .

 

لكن كيف السبيل إلى المضي قدماً نحو إرساء إستراتيجية عربية إسلامية قوية تواجه التحديات المتعاظمة التي تستهدف المنطقة من الداخل والخارج على السواء ، وأعتقد أن ذلك سيظل حلماً بعيد المنال ما لم تتحقق للشعوب العربية الارداة الحرة والعيش الآمن وفق عدالة اجتماعية واحترام لحقوق الإنسان

وتلك الإستراتيجية ضرورة لمواجهة التحديات الإقليمية وخصوصاً الإيرانية التي تمادت في التدخلات ضد دول المنطقة، وكذلك ضرورة ضبط التوازنات في وجه الخطط الجيوسياسية الجديدة الناجمة عن الشطرنج السياسي المتحرك لروسيا وأميركا في المنطقة وتحديداً من سوريا والعراق وبعد الاتفاق النووي مع إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى