آراءدولي

الاستراتيجية الجديدة لأميركا

مصطفى الصراف:مصطفى-الصراف

منذ أن تولى المحافظون الجدد في منتصف الستينات زمام السياسة الأميركية، عمل هؤلاء وبتحالف بين اللوبي الصهيوني المتمثل في «اللجنة الإسرائيلية الأميركية للشؤون العامة AIPAC»،

ولوبي رجال الأعمال، على تحرير الاقتصاد الأميركي من أي قيود أو ضوابط كانت قد فرضت عليه إثر الأزمة الاقتصادية العالمية أو الكساد العظيم سنة 1929،

تلك الضوابط التي نادى بها الاقتصادي جون مينارد كينز، وتوجه المحافظون الجدد كبديل عن ذلك إلى ما نادى به بعض أساتذة الجامعات الصهاينة من انتهاج سياسة السوق أوالعولمة، وبدأوا في تكسير تلك القيود الاقتصادية، مما أدى إلى ازدهار الاقتصاد الأميركي في عهد الرئيس ريغان، ولكن سرعان ما انتكس وأدى ذلك الانفلات إلى أزمات اقتصادية داخلية، ما زال يعاني منها المواطن الأميركي والاقتصاد الأميركي، الذي تراكمت ديونه كسندات على الخزانة الأميركية إلى ما يقارب العشرين تريليوناً، ويقابل ذلك ازدهار اقتصادات شرق آسيا، وفي مقدمتها الصين، وبروز تكتل شنغهاي، وهذا ما دفع أميركا إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية، التي كان يدفعها إليها اللوبي الصهيوني لتحقيق أحلامه في الهيمنة على العالم، وإقامة الحكومة العالمية. لذلك بدأت أميركا اليوم انتهاج سياسة تلامس الواقع الدولي، وتمد خيوط اتصالها مع الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي،

وليس إلى استعمال القوة المسلحة لمد نفوذها، وفق املاءات الصهيونية العالمية. وهذا التوجه، الذي أصبح واضحا في أحاديث المثقفين الأميركيين والقيادات السياسية الأميركية، وفي مقدمتهم الرئيس أوباما، باعتباره ضمن تيار هؤلاء المثقفين الأميركيين. هذا التوجه الجديد أغضب قادة الكيان الصهيوني، وبعض حلفاء أميركا، الذين رهنوا سياستهم الخارجية، اعتمادا على القوة العسكرية الأميركية. ويجب على هؤلاء أن يدركوا ان ظروف العالم قد تغيرت، وأصبحت أدوات الحرب أشد فتكا، ولم تعد الحروب وسيلة لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للدول،

بل أصبح الخاسر اليوم هو من يسخر موارده الاقتصادية للحروب، أملا في تفوق معنوي لم تعد شعوب العالم بحاجة إليه بقدر حاجتها إلى التنمية والرخاء الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما يجب أن تعيه الدول العربية، وأن تبدأ سياسة تعتمد على المصداقية في رسم خططها التنموية، وتسخير مواردها لتنفيذها، بدلا من إنفاقها على السلاح. وهو ما ينبغي أن يعيه أيضا المثقفون العرب، الذين ما زالوا يعيشون ثقافة الحروب والغزو، ويقدمونها كدليل على العزة والكرامة، بدلا من السلام والتنمية المستدامة.

worldwise-1-300x52-2-300x52-1-300x52-3-300x52

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى