آراء

مدى أحقية الولايات المتحدة في التصويت بمجلس الأمن على قرار وقف إطلاق النار في غزة

د. السيد مصطفى أبو الخير – خبير القانون الدولي

(الفاعل للجريمة هو من يرتكبها وحده أو مع غيره، أو من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها). تلك قاعدة ثابتة ومستقرة فى القانون الجنائي فى كافة الأنظمة القانونية الموجودة في العالم، ولا يشذ عنها نظام من تلك الأنظمة. وترتيباً على ما سبق، فإن الولايات المتحدة بما قدمته من مساعدات عسكرية للكيان الصهيوني تكون فاعل أصلي فى الجرائم الدولية الأشد خطورة التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد غزة وأهلها براً وجواً، لذلك فهي طرف أصلي فى العدوان على غزة، حيث قامت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية عاجلة وفتحت مخازن السلاح الأمريكية على مصراعيها أمام الكيان الصهيوني لاستخدامها فى عدوانها الهمجي والوحشي على غزة مرتكبة فى ذلك كافة الجرائم الدولية المنصوص عليها فى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بالمادة الخامسة والمواد (من 6 – 8مكرر) من ذات النظام. كما أن الولايات المتحدة لم تكتف بالمساعدات العسكرية للكيان الصهيوني فقط، بل قامت بإشراك قوات من النخبة بالجيش الأمريكي في المعارك الدائرة جنباً إلى جنب مع قوات الأحتلال الصهيونية، وذلك يجعل الولايات المتحدة طرف أصلي في هذه الحرب، ولم تتوان الولايات المتحدة فى الإسراع بتقديم كل ما يلزم الكيان الصهيوني من مساعدات عسكرية واقتصادية لاستمرار الكيان فى الأحتلال ومده بكافة سبل الحياة. ولا يؤثر فى ذلك، زعم الولايات المتحدة أن للكيان الصهيوني حق الدفاع الشرعي عن نفسه، لأنه من ضمن شروط الدفاع الشرعي ألا يكون مرتكبه معتدٍ، فضلا عن أنه لا دفاع شرعي ضد دفاع شرعي ولا مقاومة لفعل مباح، كما أن قوات الاحتلال ليس لها حق الدفاع الشرعي، لأنها معتدية، فالدفاع الشرعي هنا متوفر للمقاومة الفلسطينية بكافة أطيافها فهي التي لها حق الدفاع الشرعي ضد أي عدوان عليها. ترتيباً على ذلك تعتبر الولايات المتحدة طرف في هذه الحرب وفي هذا النزاع. تنص الفقرة الثالثة من المادة (27) من ميثاق الأمم المتحدة على أن (3 – تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت.). والفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة خاص بحل المنازعات حلاً سلمياً يتكون من المواد (من 33 حتى 39) من الميثاق. كما تنص الفقرة الثالثة من المادة (52) من ميثاق الأمم المتحدة على أن (3 – على مجلس الأمن أن يشجع على الاستكثار من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن.). ولا يؤثر في ذلك كون الولايات المتحدة دائمة العضوية فى الأمم المتحدة لأن نص الفقرة الثالثة من المادة (27) من الميثاق صريح فى المنع، وطبقا للقاعدة القانونية المستقرة فقها وقضاء وعملاً (لا اجتهاد مع النص) وقاعدة (إعمال النص خيرا من إهماله) لذلك فتلك المادة بالمفهوم القانوني تعتبر قيداً يحد من نص الفقرة الثالثة من المادة (27) سالفة الذكر التي طالبت فى صدرها صدور قرارات المجلس فى المسائل غير الإجرائية بموافقة الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، تطبيقا لقاعدة ( ما من عام إلا خصص). لذلك لا يجوز للولايات المتحدة أن تصوت فى مجلس الأمن ضد إصدار أي قرار بشأن غزة ومنها وقف إطلاق النار أو حتى مجرد الاعتراض على ما سيصدر من محكمة العدل الدولية فى دعوى جنوب إفريقيا بشأن اتهام الكيان الصهيوني بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد غزة من قرارات تحفظية مؤقتة أو حكم بإدانة قوات الأحتلال بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى