Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات

مدى اختصاص محكمة العدل الدولية بجرائم الكيان الصهيوني


الدكتور- السيد مصطفى أبو الخير، خبير القانون الدولى العام||

أقامت جنوب إفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني لإثبات ارتكاب الكيان الصهيوني جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني ،وبخاصة في غزة أثناء عملية طوفان الأقصى التى بدأت فى السابع من أكتوبر هذا العام وما زالت مستمرة حتى تاريخه ارتكب فيها الكيان كافة الجرائم الدولية الواردة بالمادة الخامسة من نظام روما الأساسي وهي جريمة الإبادة الجماعية(م/6) والجرائم الإنسانية(م/7) وجرائم الحرب(م/8) وجريمة العدوان(م/8 مكرر) من نظام روما.
وزعم الكيان الصهيوني أن هذه الدعوى لا تستند إلى أيأساس قانوني، وهذا الكلام غير صحيح من الناحية القانونية وهذا ما نثبته فى هذا المقال… فقد نصّت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها 1948م بالمادة الثالثة (على الدول الأطراف في الاتفاقية أن تبذل دورًا فاعلاً في منع ومعاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية.) تطالب هذه المادة الدول الأطراف فيها أن تبذل كل جهودها الفاعلة لمنع ومعاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية، فتشكيل محكمة لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني أهم دور فى منع ومعاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية وعلى رأسهم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر، وبخاصة فى عملية طوفان الأقصى.
ومن هذا الدور أيضُا ما نصّت عليه المادة الخامسة التي نصت علي (يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كل طبقًا لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنقاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلي وجه الخصوص النص علي عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.).
وأخيرًا ،طبقًا للمادة التاسعة من الاتفاقية ،وهي ما استندت عليه دولة جنوب إفريقيا في إقامة دعوتها أمام محكمة العدل الدولية، وهي سند الدعوى القانوني التي نصت على (تعرض على محكمة العدل الدولية، بناء على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.).
بهذا النص يحق لأي من دولة من الدول الأطراف في الاتفاقية خاصة العربية والإسلامية أن تتقدم بطلب إلى محكمة العدل الدولية، لبيان انطباق هذه الاتفاقية علي الأفعال التي ارتكبت أثناء حرب غزة 2008/2009م وعملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر هذا العام، وهذا أمر في مقدور أي دولة طرف في الاتفاقية، وهذا ما طالبنا به فى كتابنا الطرق القانونية لمحاكمة إسرائيل قادة وأفرادًا في القانون الدولي الصادر عام 2009م عن دار إيتراك للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة.
وهناك سابقة قضائية حديثة لذلك، حيث رفعت غامبيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية فى 11نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019م ضد ميانمار لارتكابها جرائم إبادة جماعية ضد أقلية الروهينغا، تأسيسًا على المادة التاسعة من هذه الاتفاقية، واتهمت ميانمار بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد ولاية راخين ضد الروهينغا أنتهاكا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” (اتفاقية الإبادة الجماعية) عقدت محكمة العدل الدولية جلسات استماع بشأن ذلك لاتخاذ تدابير مؤقتة عاجلة، وقد أصدرت المحكمة أمرا بإتخاذ تدابير مؤقتة فى نوفمبر / تشرين الثانى عام 2019م وهو ملزم قانونًا للأطراف، وأعترفت ميانمار صراحة بسلطة محكمة العدل الدولية بنظر الدعوى فى ديسمبر كانون الأول عام 2019م وقد أقرت أونغ سان سو تشي، التي كانت تمثل ميانمار أمام محكمة العدل الدولية بصفتها وزيرة للخارجية باختصاص محكمة العدل الدولية كملجأ أساس للعدالة الدولية.
وقد أصدرت محكمة العدل الدولية في 23 يناير/كانون الثاني 2020م بالإجماع أمرًا بفرض الإجراءات المؤقتة على ميانمار، وطالبتها بالحفاظ على أية أدلة مرتبطة بتلك الادعاءات. وقالت المحكمة في أمرها القضائي “إن أقلية الروهينجا لا تزال معرّضة لخطر الإبادة” مشيرة إلى ما خلص إليه فريق تقصّي الحقائق في أيلول/سبتمبر 2019 وهو أن شعب الروهينجا معرّض لخطر إبادة جماعية حقيقي. وطالبت المحكمة ميانمار بتقديم تقرير بعد أربعة أشهر من صدور القرار يتضمن امتثالها للإجراءات المطلوبة، وبعد ذلك تقديم تقرير كل ستة أشهر إلى أن يتم إصدار حكم نهائي وطالبت المحكمة بالإجماع ميانمار اتخاذ خطوات لحماية الأقلية الروهينجا.
وطبقا للفقرة الثانية من المادة (41) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية يُبلَغ “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” فورًا بأوامر التدابير المؤقتة للمحكمة. مما يزيد ذلك الأمر الضغط على المجلس لاتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك من خلال قرار ملزم بمعالجة بعض مؤشرات نوايا الإبادة الجماعية منها قرار ملزم بوقف العمليات العسكرية فى غزة. يُمكن لمجلس الأمن إصدار قرار برفع القيود المفروضة على حرية الحركة في غزة، وإزالة القيود غير الضرورية المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإلغاء القوانين التمييزية، وحظر الممارسات التي تحد من حصول أهالي غزة على التعليم والرعاية الصحية وسبل العيش.
مما يؤكد قانونية دعوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني، ونفى مزاعم هذا الكيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى