آراءمحلي

جمال: الوزارة لا تريدنا أن نسدِّد!

د. عبدالمحسن يوسف جمال: عبدالمحسن-يوسف-جمال

كانوا يتسامرون في الديوانية ويتداولون آخر أخبار نزول أسعار النفط، حين بادر أحدهم، قائلاً: لقد حان الآن وقت إيجاد بدائل لإيرادات الدولة، فيجب ألا نستمر على مصدر واحد.

تشعَّب النقاش حول إمكانية إيجاد مصادر بديلة، فمن قائل للاهتمام بالثروة السمكية، ومن مُطالب بالاهتمام بقطاع السياحة، إلى من يرى أهمية أن تكون الكويت مركزاً مالياً، وغير ذلك من الآراء.

وهنا بادر صاحب الديوانية، قائلاً: أتعلمون، يا جماعة، لو أن الناس سدّدوا رسوم الخدمات، لكانت الدولة قد استفادت من مبالغ كبيرة تستطيع أن تسد بها جانباً من العجز؟!

وهنا ضحك أحدهم، قائلاً: هل أنت جاد يا صاحبي؟! أصلاً الحكومة نفسها لا تريد منا التسديد، بل هي تشجعنا على عدم التسديد!

فقال صاحب الديوانية: وكيف يكون ذلك والميزانية في حالة عجز؟

قال: سأخبرك بقصتي مع وزارة الكهرباء والماء، فقد ذهبت إلى مركز الوزارة في منطقتنا لأسدد قيمة استهلاك الماء والكهرباء للفترة الماضية، وكُلّي حماسة ووطنية. وحين وقفت أمام الموظفة المسؤولة وقدمت لها اسمي، فوجئت بأنها تخاطبني بأن رصيدي لا شيء عليه، لأننا منذ سنة لم نسجّل استهلاك منزلك من الماء والكهرباء لنقص موظفينا.

ولكنها أردفت قائلة: عليك أن تأتي غداً مرة أخرى لتصطحب أحد الموظفين إلى البيت ليقرأ «عدّاد الكهرباء»، ثم تأتي به إلى المكتب لتسدد المبلغ!

فقلت لها، مستغرباً: ولكني موظف، ولا أستطيع ذلك، بالإضافة إلى أن هذا العمل من مسؤولية الوزارة، وليس من مسؤولية المواطن!

فقالت: يمكن أن تصور «ساعة العداد» بهاتفك، ثم تأتي في أي وقت لنقرأ العداد، ونحاسبك؟

فضحك روّاد الديوانية. وقال أحدهم، مازحاً: هذا وأنت ستدفع للوزارة، فما بالك لو كانوا هم الذين سيدفعون لك؟!

والآن، أيها القرّاء، هل يعقل أن المواطن يريد أن يدفع رسوم استهلاك الماء والكهرباء فتقف الوزارة مانعة له من الدفع، بل والغريب أنها تطالبه هو بقراءة العدّاد وتصويره والمجيء إليها، ليدفع المبلغ المطلوب؟!

فهل يُلام المواطن الذي يريد أن يدفع ما عليه، فيواجه بهذه الصعوبات والعراقيل غير الموفقة؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى