آراءمحلي

موضى الحمود: الكل يلوم الكل

موضى الحمود
موضى الحمود

د. موضى الحمود:

في الكويت نجد الكل يلوم الكل.. ففي بلدنا يبلغ متوسط فترة التوزير ثمانية أشهر في أحسن الأحوال، حيث لم تدم أطول وزارة من الوزارات الست، التي شكلها سمو رئيس الوزراء السابق، الشيخ ناصر المحمد، والوزارات الخمس التي شكلها سمو رئيس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك عن السنتين في أحسن الأحوال.. بينما وصل عمر بعض الوزارات إلى أربعة أشهر.. ومجلس الأمة لم يكن بأحسن حالاً، فمتوسط فترة المجلس في السنوات الأخيرة لا يزيد على ثمانية عشر شهراً بين البدء والحل أو الإبطال.. ولم يستكمل أيّ من مجالس الأمة الأربعة الأخيرة مدته! وفي كل مرة تتشكل الحكومة تبدأ الأصوات في المطالبة أو النقد للحكومة – الجديدة – القديمة – حال تشكيلها، لأنها غالباً ما تكون من الأشخاص أنفسهم مع تغييرات طفيفة بعدم الكفاءة وعدم الإنجاز.. والمحصِّلة النهائية هي تعثر التنمية وتعطل المشاريع وتأخر البلد وتراجع وتهالك المرافق إلى المستوى الذي نرى فيه الكويت الآن.

وغالباً ما تتعذّر الحكومة بشراسة المجلس، ويتعذر المجلس بضعف الحكومة – وتضيع طاسة تنمية البلد – بين «حانة الحكومة ومانة المجلس»، وفق التعبير الشعبي الكويتي، فلا الحكومة التي تحمل مقومات ضعفها حال تشكيلها تستطيع أن تنجز، ولا المجلس الذي يخاف من الحل يستطيع أن يراقب أو يوجه.. فما هو الحل؟ وكيف الخروج من المأزق؟ خاصة أن الجهتين -الحكومة والمجلس- تحاولان أحيانا استمالة الشعب أو شراء سكوته بالإنفاق غير المبرر وزيادة الكوادر ورفع مكافآت نهاية الخدمة وغيرها.. لتقول الحكومة التي وافقت على رفع الكوادر نفسها ومكافآت نهاية الخدمة قبل أقل من ستة أشهر والمجلس الذي أغلبه بصم على هذه الزيادات إن «السكين قد قاربت العظم».

 سؤال واحد فقط.. هل كانت أسعار النفط وانخفاضها مفاجأة أو حدثاً صعب التنبؤ به قبل ستة أشهر أو أقل؟ وهل الصورة المالية للدولة واختلال هيكل الاقتصاد الأحادي المورد والمعتمد على النفط أساساً مفاجأة للدولة غير معروفة، خاصة عندما أجازت الحكومة رفع كوادر بعض المهن والفئات، خاصة العاملين في القطاع النفطي الأخيرة؟ وهل المجلس يعمل طوال هذه السنوات في غياب المعلومات، التي أعرف يقيناً أنها تعرض عليه بالتفصيل الممل كل سنة عند مناقشة حالة الدولة المالية.. ورغم عرض المعلومات فإن المجلس بارك في الفترة الأخيرة مكافآت نهاية الخدمة!

لماذا إذاً الكل يلوم الكل والجميع مشترك في غرز سكين الإسراف والهدر في لحم الدولة الحي، واستنزاف العائد الوحيد لها من النفط؟!

 وحتى لا نشترك مع الجميع في «وصلة» اللوم نرى أن تنهض الحكومة وبسرعة هذه المرة لتقر ما أشار به وزير المالية السابق -الله يذكره بالخير السيد مصطفى الشمالي- وما يؤكده وزيرها الحالي بوضع خطة للترشيد واضحة ومتفق عليها، وأن تعرض على مجلس الأمة، بحيث يكف بعض أعضاء الأخير عن شراء الود السياسي للناخبين بأموال الوطن ويتفق مع الحكومة في الحفاظ على موارد الدولة من النضوب، وأن تعلن هذه الخطة حتى يكون حولها إجماع شعبي.. لعلنا ننقذ ما يمكن إنقاذه. والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى