آراءمحلي

مثقفون في السرّ

محمد بن إبراهيم الشيباني
محمد بن إبراهيم الشيباني

محمد بن إبراهيم الشيباني

 لو جردنا ما في الكويت من مكتبات خاصة في البيوت لوصلنا إلى نتيجة واحدة: أن في كل بيت مكتبةً، وفي كل بيت مثقفاً أو أديباً أو سياسياً، أو ذا معلومات غزيرة في فنون كثيرة.

لا تتردد هذه الكنوز المعلوماتية (الشخصيات) على المراكز العلمية او البحثية او الروابط الادبية، لأنهم هم لا يريدون ذلك، ولكنك تكتشفهم حين الحديث معهم في اي موضوع من الموضوعات، سواء عندما تزورهم او يزورونك، أو يكونون جيرانك، او تعرفت عليهم في مسجد او مكان عام او سفر، او حضر.

الأديب عبدالله علي جعفر الكندري، الأخ والصديق منذ أمد بعيد، وصل من العمر الثمانين (بارك الله فيه)، قلت له: كيف عرفت انك وصلت الثمانين؟ قال: كان والدي يكتب ويدوّن كل شيء – وهذا كان ديدن الأوائل – وكان من تدويناته مواليدنا ومن توفي من اقاربنا او جيراننا او الشخصيات في البلد، وغير ذلك.

بو خالد واحد من هؤلاء الذين استهوتهم القراءة منذ الصغر، حتى أكسبهم ذلك القدرة على التعبير وإخراج مخزون سِنيّ التحصيل العلمي والادبي، فكانت نتيجته ثلاث رسائل جميلة في الوصف، حلوة في التعبير، رقيقة المعاني. الرسالة الأولى: الواقع المر، والثانية: المستنسخ، والثالثة: قسوة الزمن.

في مقدمة الرسالة الأولى يقول: سألت معلمي، وأنا لم أبلغ الحلم بعد، أن ألقي قصيدة حلوة جميلة، هل أنت شاعر؟ قال: لا، ولكني أقول الشعر.

وسألني حفيدي السؤال نفسه (يقولها بتواضع): هل أنت كاتب؟ قلت له: كلا، ولكني أهوى الكتابة.

أديبنا ذو حس مرهف، وصوته خافت عند الكلام، ذو بسمة صادقة تدل على قلب طاهر نظيف مؤمن برب عزيز كريم. من كلمات رسالته الثانية: متى يأتي الربيع ليستقطبني ويضمني، ويتم اللقاء ويعود العطاء.

قال: أيها الأدباء حطموا أقلامكم واحرقوا قراطيسكم ولتحتجب البصائر بستائر سوداء لا يخترقها الضوء.

قالت قرينتي: إنك متشائم وتحبط لأولى تجاربك، وان التقاعد طريق النهاية فلنستثمر الطريق قبل النهاية، فاتخذ في بيتنا مختبراً لاكتشاف يواكب التقنيات المعاصرة، فإن معظم من يحالون في الغرب إلى التقاعد هم أصحاب اختراعات وهمم عالية.

محاورة أدبية بين الأب وقرينته تنتهي بقوله: أتريدين الخلاصة؟ لست امرأة عظيمة ما دمت ورائي، وما دام القراء يعزفون على الأوتار نغماً نشازاً، وعزوفهم عما يدونه ويسطره الكتّاب، مهلك لعطاء الأدباء فلهم حسن العزاء! والله المستعان.

 

***

• المرأة

«المرأة غل ولا بد للعنق منه، فانظر من تضعه في عنقك». (هند بنت عتبة)

نقلا عن “القبس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى