لفظ الزوج في القرآن

الأصل في مادة (زوج) أن يدل على مقارنة شيء لشيء. وكل ما كان له قرين من جنسه، يقال له: زوج، فـ (الزوج) اسم يقع على كل واحد من المقترنين، يقال: للرجل زوج، وللمرأة زوج، وهو الفصيح. قال الله جل ثناؤه: {اسكن أنت وزوجك الجنة} (البقرة:35). ويقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة: زوج. ويقال لكل اثنين لا يستغني أحدهما عن الآخر: زوج. و(الزوجان) في كلام العرب: الاثنان. يقال: عليه زوجا نعال، إذا كانت عليه نعلان، ولا يقال: عليه زوج نعال، وكذلك: عنده زوجا حمام، وعليه زوجا قيود. ويقال لكل ما يقترن بآخر مماثلاً له، أو مضاداً: زوج. وزوجة لغة رديئة، وجمعها زوجات، وجمع الزوج أزواج.
ولفظ (الزوج) ورد في القرآن الكريم في ثلاثة وثمانين موضعاً، جاء في خمسة مواضع بصيغة الفعل من ذلك قوله عز وجل: {كذلك وزوجناهم بحور عين} (الدخان:54)، وجاء في سبعة وسبعين موضعاً بصيغة الاسم من ذلك قوله تعالى: {وأنبتت من كل زوج بهيج} (الحج:5).
ولفظ (الزوج) جاء في القرآن الكريم على ثلاثة معان رئيسة:
الأول: بمعنى الزوجة حليلة الرجل، من ذلك قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} (النساء:12)، وقوله سبحانه: {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون} (الزخرف:70)، فلفظ (الزوج) في هاتين الآيتين وأشباههما المراد منه زوجة الرجل وحليلته.
الثاني: بمعنى الصنف، من ذلك قوله عز وجل: {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} (الشعراء:7)، أي: أنبتنا من كل صنف من أصناف النبات زوجين اثنين. ونظير هذا قوله سبحانه: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} (يس:36)، أي: الأصناف بجميع أشكالها وصورها، من الجماد، والنبات، والحيوان، والإنسان. وبحسب هذا المعنى جاء قوله عز وجل: {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} (الأنعام:143). وقوله تعالى: {وكنتم أزواجا ثلاثة} (الواقعة:7). و(الزوج) بحسب هذا المعنى كثير في القرآن الكريم.
الثالث: الزوج بمعنى القرين والنظير، من ذلك قول الباري تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون} (الصافات:22)، أي: نظراءهم، وقرناءهم. عن ابن عباس رضي الله عنهما: يعني: أتباعهم، ومن أشبههم من الظلمة. وقال ابن كثير: “يعني بـ (أزواجهم) أشباههم وأمثالهم”. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: يجيء صاحب الربا مع أصحاب الربا، وصاحب الزنا مع أصحاب الزنا، وصاحب الخمر مع أصحاب الخمر. ونحو هذا قوله تعالى: {وإذا النفوس زوجت} (التكوير:7)، أي: قُرنت بأشكالها في الجنة والنار. وقيل: قُرنت الأرواح بأجسادها، حسبما نبه عليه قوله تعالى في أحد التفسيرين: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية} (الفجر:27-28)، أي: صاحِبِك. وقيل: قُرنت النفوس بأعمالها، حسبما نبه عليه قوله عز وجل: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء} (آل عمران:30).
حاصل القول: إن لفظ (الزوج) في القرآن الكريم ورد على ثلاثة معان رئيسة: إما على معنى زوجة الرجل وحليلته، وإما على معنى القرين، وإما على معنى الصنف، والسياق والسباق هو الذي يحدد أي المعاني الثلاثة هو المراد.