الصحوة الاجتماعيةمنوعات

وصية وتوصية

من الدروس التي كان يلقيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصبيان و الغلمان و الشباب وصيته لابن عمه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- فيما رواه ابن عباس نفسه إذ قال: “كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما فقال: “يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف” رواه الترمذي 667/ 4

هذه الوصية تميزت بقيم كثيرة في أدب الأبناء، ومن أهمها:

  1. مجالسة الأبناء للكبار، ليحرصوا على التعلم منهم ويستنيروا بمعارفهم ويقتدون بهم في سلوكهم، فقد لازم ابن عباس خير البشر وسار خلفه تأدبا وتقديرا وتوقيرا لمكانة الأستاذ الأول والمعلم الأكبر -صلى الله عليه وسلم.
  2.  تعبير الرسول -صلى الله عليه وسلم- في افتتاح الوصية بقول: “يا غلام”، وفي رواية “يا غلامي” يوحي بحرارة العطف وعميق الحب والحنان، كما يشير إلى قرب منزلته وشدة حرصه عليه، مما يعين على فتح منافذ الإدراك الكثيرة في النفس من عاطفة ووجدان ومشاعر وخواطر وأحاسيس فيكون أكثر إقبالا على الوصية وأعظم قبولا لها.
  3. يتميز أسلوب الرسول -صلى الله عليه وسلم- هنا بالرقة، وتصويره الأدبي بالقرب والتيسير، حيث يقول: “إني أعلمك كلمات” أي يسيرات معدودات، مما يعين على تحريك الانتباه وتفتح القلب، فيستقر مغزاه في القلب والعقل معا.
  4. أن يغرس في نفوس الأطفال الاعتداد بأنفسهم وعدم التواكل أو الاعتماد على البشر، لأنهم لا يدفعون عن أنفسهم الضرر، ولا يجلبون لأنفسهم النفع، فكيف يكون ذلك لغيرهم، بل يجب الاستعانة بخالق البشر والخلق جميعا، فهو وحده النافع أو الضار.

فعلى الآباء أن يقتدوا بهذا النموذج النبوي الكامل إن أرادوا أن يغرسوا همما وأن يحصدوا قمما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى