آراءمحلي

يوسف عبدالرحمن :وجع الفقد

بقلم: يوسف عبدالرحمن:تنزيل

 نفقد أثناء حياتنا العابرة إلى الآخرة أعزاء علينا من آباء وأمهات وآخرين، وهذه سنّة الله في خلقه لأن الموت حقيقة إلهية والفراق مؤلم قال الشاعر:

فإن ينقطع منك الرجاء فإنه

سيبقى الحزن ما بقي الدهر

أصعب الفقد هو فقد الولد أو البنت وهم في عز شبابهم ومقتبل عمرهم.

زاويتي وومضاتي اليوم هي سطور مواساة لكل أم فقدت ابنها أو بنتها، والعزاء موصول لهذا وذاك الأب المفجوع بموت أحد أبنائه.

أنا اليوم سأطرح قضية «الفقد والوجع» وهما صفتان متلازمتان، وكلتاهما تكمل المشهد المأساوي لمن فقد عزيزا غاليا عليه.

الفقد، آه، صعب جدا جدا جدا، لا يشعره إلا من فقد جزءا منه، والفقد في حقيقة الأمر ضياع وغياب، لذا يقولون فقد حياته، احترام الناس، عقله، صديقه، عمله، أعصابه، الأمل، بصره، ذاكرته، رشده، شعوره، إذن فقد يفقد فقدا وفقدانا، فهو فاقد والمفعول مفقود وفقيد.

أما الوجع فجمعه أوجاع، أي مرض أو ألم، يقولون: وجع فلانا رأسه، أو ضرسه، أو بطنه، لذا ترى الناس تكثر من هذه الكلمة المعبرة عن الحال في ضياع أي شيء والوجع مرجعه إلى وجع وموجوع.

اليوم أكتب لكل أم فقدت فلذة كبدها..

ولكل أب مفجوع بحشاشة جوفه..

أكتب كي أواسي ملايين البشر الذين فقدوا الولد أو البنت ويعانون الفقد والوجع بعد رحيل «غال» غيبه الموت. يقول الشاعر:

وتمر الليالي والشهور ولا أرى

إلا ولُوعي بها يزداد ويزداد

أيها القراء الكرام أدعو للجميع بالصبر والثبات لأن «الميت» أيا كان هو في داخلنا ولم يفارقنا إلا بروحه، وكل منا يحتفظ بشريط مليء بالصور والمواقف والذكريات المفرحة والمحزنة.

إن من أكبر أخطاء الناس في حال مواساة من فقد «عزيزا» قولهم: يله «الدنيا تنسيك، والإنسان من النسيان، تمر وتعدي السنين وتنسى»، اعتقد «كافي» هذه بعض من الصور الغلط في المواساة وهي عبارات مغلوطة لا تصلح وليس بها حجة أو منطق سوى أن تكون أي كلام.

ومضة:

عام مضى يا أحمد، لن ننسى يوم الاثنين 1/12/2014 الموافق 9 صفر 1436هـ يوم اختطفت يد المنون آخر العنقود ابني أحمد، وشاركت جموع محبة حاملة الجسد الطاهر إلى مثواه في الصليبخات، في ساعة الرحيل القاسية والمحزنة.

آه، يا أحمد، مر عام يا حبيبي والحياة لم ولن تتوقف حاولت منع دموعي لتحول بيني وبين الورق كي أكتب لك هذه الزاوية التي تجمع الرثاء والوفاء لمحبيه، وأبشرك بأن أختك نورة رزقها الله بولد أسميناه أحمد وهو شبهك في كل شيء جميل، وأختك تسنيم أسمت مولودتها «جنى» كما أحببت وتمنيت.

أما ديوانك فلقد أنجز وافتتح لربعك وصحبك الأوفياء وهم فيه كل ثلاثاء، أخوك مهند حقق ما كنت تريده بتقديم برنامج تلفزيوني رياضي في قناة الراي (لأنه كان مستشاري في كثير من خطواتي) والكلام للابن مهند، وخالد الكندري رزقه الله بولد سماه «أحمد»، وبعد فيصل البريدي سمى ولده «أحمد»، أما توأم روحك حمد علام فمازال يبحث عن نصفه الآخر، قال لي: من أصعب المواقف التي واجهتني في الحياة فقد أحمد شعور لا يوصف، أما مريم اللوغاني ابنتي الغالية فتقول: كان مثل النسمة بطيبته وروحه، ومهما قلنا ما نوفيه حقه، وفهد يقول: فقد الدينمو الشاحن، وحمود اليعقوب يقول: غابت ابتسامة احمد عني وكنت مجرد اشوفه احس ان الدنيا بخير، وثنيان أنهى دراسته ورجع الكويت، أما رفقاء الدرب في الموقع الإلكتروني فمازالوا على العهد باقين يدعون لك، وأشعر بأن كثيرا من كلماتهم تقف على شفاههم عاجزة عن النطق.

وبقية الربع كل واحد منهم يدعو لك بظهر الغيب، وكلما رأيتهم رأيت في عيونهم الدمعة والحزن، قدرت معدنهم الأصيل، أدمى قلبي منظرهم لأن الوفاء نادر في هذا الزمان، ومازال علي بوسارة يزور قبرك كل أسبوع وهو يقول: أشعر بأن أحمد سيحضر للدوام في أي وقت فلم أستوعب حتى الآن حقيقة أنه رحل.

آخر الكلام:

مضيت يا أحمد شوقا

وفارقت الأهل والصحابا

لكنها سنة الله في خلقه

سبقتنا إليها ونرجو لحاقا

سألت ربي يا نور قلبي ليجعل

جنة الفردوس لك مستقراً ومُقاما

أيا أحمد يا حبيب فؤادي

أألتقيك؟ أم أُقاسي العذابا؟

يا رب.. واجعل قبر أحمد روضة

وجنان خلدك مستقراً وثوابا

الهمسة الأخيرة لكل أولئك الذين فقدوا عزيزا قد رحل:

ليس الألم في رحيل من تحب، ولكن الألم في رحيل أرواحنا معهم، وستبقى أبا عذبي.. راسخا في قلوبنا متصدرا دعواتنا وذكراك في القلب والضمير والوجدان باقية، وكلمة «شكر وعرفان» مني ومن محبيه الكثر في داخل الكويت وخارجها في موقفهم الإنساني النبيل المتعاطف والمتضامن في هذه المحنة.

قصيدة رثاء كتبها حمد المولي ابوخليفة كتبها في رثاء صديقه احمد الضاعن بمناسبة مرور عام على وفاته رحمه الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى