الأردن…مطالب الشارع تعلو والسلطتان تتبادلان الاتهامات

موجز حماك
فشل الحوارات واللقاءات التي شهدتها العاصمة الأردنية عمان نهار أمس في التوصل إلى حل ينهي “أزمة قانون ضريبة الدخل”، وسّع احتجاجات الشارع الغاضب الذي رفع من سقف مطالبه لإقالة الحكومة وحل البرلمان.
شهد مجلس النواب -غير المنعقد حاليا- لقاءين هامين: الأول جمع رئيس المجلس بعدد كبير من النواب، وبحث خيارات التعامل مع المشهد الملتهب في الشارع. وتم التوافق على الخيارات التالية:
الضغط على الحكومة لسحب مشروع قانون ضريبة الدخل خلال 48 ساعة، والتوقيع على مذكرة ترفع للملك عبد الله الثاني تطالب بإقالة الحكومة إذا رفضت ذلك.
أصحاب هذا الرأي وفقا لتصريح للنائب سعود أبو محفوظ يرون أن ما يشهده الشارع من احتجاجات واسعة وغير مسبوقة لا تمنح الجميع ترف انتظار عقد دورة استثنائية للبرلمان بعد شهر أو شهرين.
كما يتخوف أصحاب هذا الرأي من تبدل مواقف النواب من القانون مع الوقت بناء على تجارب سابقة، أو الرهان على جلسة مشتركة لغرفتي المجلس -النواب (منتخب) والأعيان (معين من الحكومة بإرادة ملكية)- قد تفضي إلى إقرار القانون دون إدخال تعديلات ترضي الشارع.
أصحاب هذا التوجه من النواب اعتبروا أن الرهان يجب أن يكون على المجلس لعقد دورة استثنائية سريعا والتصويت على رد القانون، والتأكيد أن الغلبة في الجلسة المشتركة بين الأعيان والنواب ستكون لصالح رد القانون.
أما اللقاء الهام الثاني فانعقد بين الحكومة وقادة النقابات المهنية بدعوة من رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة.
خلاله أصرت الحكومة على موقفها الرافض لسحب قانون ضريبة الدخل من البرلمان، ونُقل عن رئيس الوزراء هاني الملقي تأكيده وجود التزامات دولية تحتم على الحكومة التمسك بالقانون، في إشارة إلى التزاماتها مع صندوق النقد الدولي الذي غادرت بعثة له كانت في زيارة لعمان قبل يومين على وقع الاحتجاجات الواسعة.
أما النقابات فأكدت تمسكها بمطالب سحب القانون كشرط لوقف برنامجها الاحتجاجي الذي سيتوج بالدعوة للإضراب يوم الأربعاء المقبل، لكنها أعلنت عن جولة حوار أخرى مع الحكومة قبل الأربعاء لمحاولة التوصل إلى حل ينهي الأزمة.
الجولة الثالثة من اللقاءات ترأسها الملك عبد الله الثاني فور عودته من زيارة خارجية، حيث اتجه من المطار إلى اجتماع لمجلس السياسات الذي يضم رؤساء الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب، وقائد الجيش ومدراء المخابرات والأمن العام والدرك، وعدد من الوزراء والمسؤولين.
خلال اللقاء دعا الملك الحكومة والبرلمان إلى قيادة حوار موسع حول القانون المثير للجدل تشارك به الأحزاب والنقابات.
الملك وجه انتقادات علنية لأداء الحكومة التي طالبها بترشيد الإنفاق، وقال إنه ليس من العدل أن يتحمل المواطن وحده تداعيات الإصلاحات المالية.
لكن كلمة السر في حديث الملك -برأي مراقبين- كان ربطه ما يشهده الأردن من أزمة اقتصادية خانقة و”الظروف الإقليمية”، وقال إن “التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني سببها الظرف الإقليمي الصعب. وتابع أن “الظروف والخيارات أمام الأردن اليوم ليست نفس الظروف قبل خمس أو عشر سنوات”.
الحكومة والنقابات تبادل قادتهما الاتهامات عن المسؤول عن تجييش الشارع، فالحكومة تتهم النقابات بإخراج الناس إلى الشارع وتوسيع الاحتجاجات بشكل قد يخرج عن السيطرة، بينما تتهم النقابات الحكومة بأن قرارها رفع أسعار المحروقات -قبل سحبه بإيعاز من الملك- هو ما أجج الاحتجاجات واستفز قطاعات باتت ترى في استمرار الاحتجاج طريقا لإسقاط الحكومة وقراراتها.
بعد انتهاء الحوارات والاجتماعات نهارا، تجددت الاحتجاجات في الشارع ليلا وسط ارتفاع لافت في أعداد المحتجين الذين هتفوا بإسقاط الحكومة وطالبوا بحل البرلمان الذي هاجم متظاهرون ممارسته “دور الوسيط” بين الشعب والحكومة.
لم يمنع إغلاق الأجهزة الأمنية كل الطرق المؤدية إلى دار رئاسة الحكومة من وصول آلاف المحتجين إلى محيطها الذي حاصره المتظاهرون يومي الخميس والجمعة، بينما توجهت مسيرة من حي الطفايلة وسط عمان إلى مقر الديوان الملكي القريب لليوم الثاني على التوالي.
كما شهد مساء السبت توسعا في احتجاجات المحافظات، مع دخول مناطق جديدة على خط المظاهرات التي بات سقف مطالبها يرتفع يوما بعد آخر.
بعدما بدأت الاحتجاجات تطالب بإسقاط قانون ضريبة الدخل، ارتفع سقفها للمطالبة بإقالة الحكومة، ليصل الغضب إلى البرلمان الذي توسعت شعارات المطالبة بحله.
تحرير أحمد حسن