
لا مجال بأي حال من الأحوال الخروج من دائرة «الفوضى» إلى حالة الصلاح اجتماعيا سياسيا اقتصاديا إداريا وقياديا…! مجالات الحياة مختلفة… في بيتك بيئة وفي عملك بيئة وفي ديوانيتك بيئة وبين يديك هاتف نقال له بيئته الخاصة واختيارك في التعامل مع كل نوع من هذه المجالات تحدده ثقافتك وصحبتك وقناعتك المعنوية التي تحدد اختيارك. نعم لقد قلتها من قبل وتحديدا في 4 أكتوبر 2012 بمقال نشر في «الراي» عنوانه «اليد اللي ما تقدر عليها…!» وبعد قرابة ثلاثة أعوام ظلت الحالة الفوضوية كما هي!
أزعجتني هذه الحالة لأن نظرية الفوضى Chaos Theory يستغلها القيادي لفترة لا تتجاوز ستة أشهر في منظومة العمل التي يتربع على عرشها ويهدف منها ترك «القرعى ترعى» لينظر هو من فوق كيف تدار الأمور حتى تقع يداه على مكامن الخلل ويكتشف الصالح من الطالح ليقف متسلحا بسلطة اتخاذ القرار ليدني الصالح ويعزل الطالح ليشعر بعدها التابعون من عاملين وقياديين تشغيليين أن السحابة قد مرت بسلام وحان وقت العمل الأخلاقي والإنتاجية.
في ذلك المقال ذكرت بيت شعر نصه «ما ينفع العلم في هادي… لو ينفع العلم وصيته» وأعني أن النصيحة عندما يوجهها المخلص للقيادي «الصح» تجد صدى طيباً، ولكن عندما يستقبلها بمن يسمعك لمجرد الاستماع أو فقط ليقال عنه مستمع جيد فلا فائدة مرجوة منها…. (للعلم: نموذج هادئ منتشر بشكل مخيف بعد أن أصبح الفساد مستشرياً بين قياديي «الفشل»).
وكذلك الحال بالنسبة للبعض في مجتمعنا الكويتي الذي يعشق «الشخبطة» الإعلامية والمبدع في إضافة البهارات لكل خبر أو إشاعة تصل إليه ليبثها في ثوب جديد لا علاقة له بمضمون الخبر وعندما تحاول أن تنصح البعض في تحري الدقة «يصك الجام» ويسير وراء هوى نفسه الأمارة بالسوء وعندما يقع بالحفرة يشعر بالندم لكن على ما قيل «بعد إيه…. وخبز خبزتيه يالرفلة أكليه»!
أقولها اليوم وبعد أن كتبت ما كتبت ووجهت نصائح كان أهمها المقال الذي وجهته لسمو رئيس مجلس الوزراء بعنوان «عفوا يا سمو الرئيس»…. في26 مايو 2013 وقبل أيام يوجه سمو الرئيس الوزراء للقضاء على آفة الفساد!
الموظف البسيط عندما يجد القيادي فاسداً… فهو تلقائياً يجد ممارسة الفساد أمراً اعتيادياً بحكم ان التابعين للقيادي يرون في القيادي القدوة سلوكيا ويسيرون على نهجه.
هذا ما تعلمناه وهو ليس بعلم نظري بل هو نتاج أبحاث مطبقة على كبرى المؤسسات وعمل عليها كبار الباحثين ممن تتصدر مؤلفاتهم من كتب وأبحاث صفحات المجلات العلمية المحترمة وفي الغرب يؤخذ بهذه الدراسات بينما الحال عندنا مختلفة فأنت تبحث وتظهر لك النتائج وإن كنت قد حصلت على الدرجة العلمية من أفضل مئة جامعة على مستوى العالم فمصيرك ينتهي بمجلد فاخر فيه مضمون البحث تقف مع مسؤول كبير لتلتقط صورة معه وأنت تهديه نسخة من الرسالة البحثية…. و«الرف» هو مصيرها مع الأسف!
نعم… وأكرر نعم إنه لا ينفع العلم مع هادي فعلى الرغم من كثر الدراسات نحن نبقى أسرى بين يدي من يرى إنه هو الصالح وغيره طالح «ما ينفع بسبع المذاهب» كما يردد اجتماعيا والعكس صحيح.
هذا مختصر ما دار بيني وبين أحبة لي… وخلاصة القول إننا أحوج إلى الالتفات إلى تلك الزاوية التي «حشر» فيها الصالح ليعبث «هادي» بمصيرنا نحن البسطاء وسبب الحاجة لا يخفى على الكثير من المخلصين وهم يتابعون ما يعرض من صور الفساد دون رادع والهدف «مجهول ربما»… والله المستعان!