
عبد اللطيف الإبراهيم – القبس:
في هذه الأيام، لا يمكن لنشرة أخبار أن تخلو من خبر دولة العراق والشام، كما أن التغريدات كثيراً ما تشير إليها، وهذا لأن أغلبنا متشوّقون لأن نعرف المزيد عن هذا التنظيم.
وأغلبنا يرغبون في فهم أكثر عن كيفية قيام دولة بكامل مؤسساتها الحكومية والتنفيذية وأصحاب القرار من فئة الشباب، وتكاد تبحث عن الشيب في وجوههم فلا تجده، كما أن بعضهم لم تنبت لحاهم بعد! إلا أنهم يحكمون أرضا تتجاوز مساحتها 3 من دول الخليج مجتمعة.
إن الغرابة في قيام الشباب بانشاء دولة هي أحد أسباب التشويق والاهتمام، إلا أن المشوق أكثر هو الرعب الذي أدخلوه في نفوس الكثيرين، فهؤلاء الفتية قد قطعوا رأس الدبلوماسية قبل أن يقطعوا رأس أي من أعدائهم، وهم لا يصغون إلى أحد سوى أمراء الجند عندهم.
وقد تكشف لنا الخلفية التاريخية عن تلك الدولة، فدولة داعش هي الفكر المنبثق من تنظيم القاعدة، فالاستراتيجيات القتالية والتنظيم اللوجيستي والامداد والتمويل قد تطورت لتصبح في جيلها الثاني أو الثالث، كما أن «داعش» قد حققت قفزة نوعية في مجال حشد واستقطاب المقاتلين، وقفزة أخرى في التسويق للفكر الجهادي.
ولا يمكن لدولة داعش أن تستمر، فافكارها ومبادئها تقوم على ضلال كل من يخالفها، وتقوم على الحزم مع الأفكار الضالة، وبالتالي لا تقبل الآخر أيا كان مذهبه، لأنه ضال، ما لم يطابق تعاليمها.
لكن الغرب ليس بالغباء ليتغاضى عن دولة تؤسس لتدمره، فلن يراقبها تستقوي له، ولن يكون هذا لأي كان، ولو كانت في ملتنا أو أي ملة أخرى، وما هذا التأخير في المواجهة إلا اصطفاف المعركة وانتظار بقيتهم أن يضعوا أيديهم في جيوبهم لدفع نصيبهم من تكلفة الحرب.
يغيب عن البعض أن نجاح «داعش» ليس بحملات الدعوة الجهادية التي تدعو لها، بل هو تسويق بطريقة اخرى، فالطائفية في الحقبة الماضية في الشام والعراق قد ولدت طائفية مضادة (وسميت باسمها) وكانت كفيلة بأن تدفع كل نفقات حملات التسويق لفكر «القاعدة»، أو بمعنى آخر، كانت الطائفية في العراق كفيلة بأن تجعل الشعب العراقي يشتري بضاعة لا يرغب في شرائها، نكاية فيمن يبيع البضاعة الاخرى.
وختاماً، لن نظلم الشعب العراقي بقولنا ان اختياره خاطئ، لكننا نتمنى ان يُعاد التوازن إلى العراق، بعد انتهاء دكتاتوريتينِ متتاليتين.