آراءدولي

صقر: ثنائية الديكتاتورية والاستقرار

محمود صقر
محمود صقر

محمود صقر:

 سؤال يتردد كثيراً في عالمنا العربي ، وأفردت له مجلة دير شبيجل الألمانية مساحة للرد عليه وهو : أيهما أفضل : الديكتاتورية أم الفوضى؟ الحرية أم الاستقرار؟

أسئلة مهينة لأنها تضع عالمنا العربي تحديداً من ضمن خارطة العالم كله في قدر محتوم لاختيار الرضا بالديكتاتورية ومعها الاستقرار، أو الحرية ومعها الفوضى.
ولكن : هل وفرت الديكتاتورية الاستقرار؟
هذا هو السؤال الذي ينبغي أن نبحث له عن إجابة ، حتى لا نضحي بحريتنا وتقدمنا ومستقبل بلادنا من أجل سراب موهوم.
والإجابة على السؤال يفرضها واقع يتساءل:
وأين هو الاستقرار الذي حققه مبارك وبن علي والقذافي وصدام .؟
كل هؤلاء سوقوا مبرر وجودهم بتحقيق الاستقرار.
ولم يستحي كل منهم أن يقف موقف القرصان الذي خطف السفينة ويعلنها صريحة: أنا أو الفوضى!
فهل كنا نعيش معهم في استقرار فعلاً؟
هنا ينبغي أن نقف ونقول: إن ألزم واجبات المثقف في معركة الوعي التي نخوضها هو الوقوف عند الكلمات السائرة وتحديد مفهومها حتي لاتتحول إلي شعارات زائفة تنخدع بها الجماهير.
وعليه فإن التوصيف الدقيق للحالة التي صنعها هؤلاء الطغاة وأمثالهم هي حالة ” الجمود ” وليس الاستقرار.
فالاستقرار هو القاعدة التي ينطلق منها التقدم.
فأين هو التقدم الذي صنعه هؤلاء؟!
والاستقرار يرتبط بمرونة النظام السياسي ، والرضا العام عنه.
فالمرونة ترتبط بآليات إدارة مؤسسات النظام بما يضمن حسن سيرها وتقيمها ومحاسبتها وتصويبها وتعديل مسارها وفق ما يستجد من معطيات داخلية ودولية.
والرضا العام يقترن باحترام القانون وتحقيق العدالة وكفالة الحقوق.
هذا هو مفهوم الاستقرار الذي يجعلك مثلاً لا تصدق من يخبرك بقيام ثورة في انجلترا لإسقاط النظام !! فلماذا يثورون إذا كان في مقدورهم أن يعدلوا النظام وفق آليات القانون والدستور.
أما ” الجمود ” الذي يسمونه زوراً وبهتاناً بالاستقرار.
فهو المنسأة التي يستند عليها الحكم الفاسد ، ويظل النظام العام محفوظاً بالهيبة من تلك العصا . في ذات الوقت الذي تعمل فيه دابة الأرض عملها . فالفساد والتخلف والظلم والبغي وفساد الأخلاق تنخر في منسأة نظام الحكم دون أن يشعر بها أحد (لأنه نظام يعمل في الظلام).
وبمجرد أن يكتمل عمل دابة الأرض، يتهاوى النظام بشكل مفاجئ.
لنكتشف أن الاستقرار الذي سوقوه لنا ماهو إلا قشرة جمود زائفة، تم رعايتها في جنح الظلام بوسائل الدعاية والقهر والظلم، ومع أول ثقب في هذه القشرة الزائفة يتبدد وهم الاستقرار.
وتكتشف الشعوب التي ضحت بكرامتها وحريتها وتقدم بلادها أنها جرت وراء سراب اسمه (الاستقرار) في صحراء قاحلة جامدة باردة اسمها (الديكتاتورية).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى