أصحاب القلوب الرقيقة

قد مدح الإسلام كل قلب رقيق ، وذم القلوب القاسية ، ففي كتاب الله سبحانه وتعالى : {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو اشد قسوة}.
وحق لكل قلب رقيق أن يمتدح ، فالقلوب الرقيقة هي الأكثر قرباً إلى الله سبحانه وتعالى والأكثر تأثرا بالموعظة والتذكرة ، والأقرب إلى الندم على ما فات والأقرب بالبكاء من خشية الله ، والأكثر شعورا بالفقراء والضعفاء والمرضى وذوي الشكوى، وهي الأرفق بالناس في المعاملات والتصرفات، وهي الأكثر إستمساكا بالقيم العليا والمبادئ السامية ، بل إن الله سبحانه قد وصف نبيه بالرقة والرفق والرحمة فقال سبحانه: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}. والله سبحانه قد لفت المؤمنين إلى تلك المعاني فيما يخص القرب منه سبحانه والعودة إليه عز وجل ، وكأن الآيات تنبهنا إلى أن القلوب الرقيقة هي الخاشعة وهي المنيبة له سبحانه وهي صاحبة الرجاء في القبول عنده عز وجل فقال سبحانه : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون}.
بل إن الآيات تعلمنا أن القسوة قد تقع من المسلمين أيضا ومن أهل الإيمان في لحظات مختلفة ، وأن أهل الإيمان يتفاوتون في رقة القلب وقسوته ، وأن النصيحة برفق القلب هي نصيحة لازمة للمؤمنين، وأن تحذيرهم من قسوة القلوب أمر مهم. ذلك بعكس القلوب القاسية والفظة ، فهي لا تبالي عادة بالضعفاء ، ولا تتأثر بالمواقف المؤلمة ولا تكاد تشعر بآلام الآخرين ، كما أنها بين يدي الله سبحانه متحجرة ، لا تتأثر بالتذكرة ولا بالموعظة. وهل إشتكت الأرض إلا من غلظة القلوب ، وهل تدنست مشارقها ومغاربها إلا من الأفظاظ الجلادين الذين لا يبالون بصرخات الضعفاء ؟! ، بل إن قسوة القلوب تكاد أن تكون شرطا لكل من أراد أن يمارس الإجرام أو الظلم أو الجور، فالقلوب الرقيقة لا تقوى على الظلم ولا تهدأ مع الأذى، ولا ترتضي الإضرار.
المصدر: موقع المسلم.