آراء

صقر يكتب: علاقة نموذجية بين الدين والفن

محمود صقر

الكاتب :محمود صقر

الدين والفن من خصوصيات الإنسان وحده دون سائر المخلوقات، فنبعهما واحد هو روح الإنسان.
ربما كانت هذه الصورة ماثلة في ذهن الشاعر الروسي ” فوزنسنسكي ” وهو يقول : ” إن كمبيوتر المستقبل سيكون من الناحية النظرية قادراً على عمل كل شيء يقوم به الإنسان ماعدا أمرين : أن يكون متدنياً وأن يكون شاعراً “
فالإنسان عبر تاريخه الطويل منذ أن كان يعيش في الكهوف ، يبحث عن الإله ويتصوره في فنونه ونقوشه التي اكتشفها علماء .
بل إن الآثار الفنية الخالدة للإنسان ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالدين.
بدءاً من الأهرامات والمعابد المصرية ، مروراً بمعابد البوذية والهندوسية وصولاً إلى الكنائس والمساجد ، كلها مرتبطة بالدين..
وإن سألت عن أعظم أعمال “مايكل أنجلو” فستقول تلقائياً سقف كنيسة سيستينا
وإذا سألت عن إبداعات ” رمبرانت” فسيجيبك “كنيث كلارك ” :- ” كان عقله منغمساً في الإنجيل ، وكان يحفظ قصصه إلى أبعد تفاصيلها ، وقد انعكس هذا على إبداعه الفني
وإذا كانت عرى الاتصال بين الدين والفن لا يمكن فصمها فإن الإسلام قد أسس علاقة خاصة بينه وبين الفن .
فإذا كانت علاقة الفن بالدين في سائر المعتقدات كانت علاقة ( الفن في خدمة العقيدة ) وقد تمثل هذا في الآثار الخالدة في دور العبادة وما يلحق بها من فنون الرسم والنحت والموسيقى .
فإن العلاقة بين الإسلام والفن هي ( الفن في خدمة الحياة من منظور العقيدة )
فالفن في الإسلام ليس حبيس دور العبادة، أو مصوراً للقصص الديني كما هو في سائر المعتقدات .
ولكن الفن في الإسلام تجده في كل ما أبدعه الإنسان المقيم في أرض الإسلام، والذي ظل باقياً في: النسيج والسجاد والخزف والمشغولات المعدنية وفي أغلفة الكتب والأسلحة والقلاع والمدارس والبيوت والأسبلة والخانات والتكايا والحمامات العامة والأسواق ….
لاحظ أن هذا التنوع الفني كان يعكس روح الحضارة الإسلامية فالأسبلة رمز الخير بسقيا الماء لعابري السبيل، والتكايا لإطعام الطعام ورعاية العباد وطلبة العلم، والحمامات رمز النظافة والصحة، …وهكذا.
ومع كل هذا التنوع في المنتجات واتساعها الجغرافي الممتد من الصين للأندلس والامتداد الزمني عبر أربعة عشر قرنا من الزمان، إلا أنه يجمعها روح واحدة تستطيع بها أن تميزها عن سائر المنتجات الحضارية ؛ لأنها حملت روح عقيدة الوحدانية التي لايجوز فيها  تشبيه الإله فانعكست علي روح التجريد التي ميزت الفن الإسلامي عما سواه ..
وحملت روح الثقافة الإسلامية التي تجمع بين العالمية مع الحفاظ على الخصوصية، فبمقدورك التمييز بين القطع الفنية مثلا من شرق آسيا عن غيرها من الشرق الأوسط عن غيرها من شمال افريقيا فهي جميعا يجمعها خصائص واحدة مميزة مع الاحتفاظ بخصوصيات المكان ..
إنها بحق علاقة فريدة بين الدين الإسلامي ورؤيته للفن …
علاقة تجعلنا نقول: إن من يقوم بالفصل التعسفي بين الدين الإسلامي والفن لا يعرف شيئا عن الإسلام ولا عن الفن .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى