آراءمحلي

الحمود :مأزق حضاري.. وأي مأزق؟!

موضي عبدالعزيز الحمود :موضي عبدالعزيز الحمود

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي في الأمس القريب خبر تعرّض مجموعة من نساء الكويت المتطوعات والمشتركات في أعمال الإغاثة في مخيمات اللاجئين السوريين إلى عملية قطع طريق من ق.بَل مجموعة من «الدواعش» لهن.. ولولا رحمة الله تعالى، ثم تدخل أحد العناصر «الداعشية» (وهو شاب كويتي) في الثامنة عشرة من عمره لما استطعن النجاة من براثن الإرهاب وأعماله الوحشية.
وفي الفترة نفسها عرضت وسائل التواصل الاجتماعي أيضا التصوير الحيّ. لمنظر حرق الطيار الأردني الشاب الذي أُحْر.ق في عمل تقشعرّ له الأبدان وتشمئزّ منه النفوس.. فتداولت الأخبار فظاعة الحدث وبشاعة العمل، وحملت التغريدات التي ازدحمت فيها الشبكة التويترية تعزية للأشقاء في الأردن ومواساة لعائلة المغدور.. ولكن، وآه من لكن!.. حملت الشبكة ـــ كذلك ـــ تغريدات أشد عنفاً وأكثر إيلاماً حين تلفظ أحد المشايخ «بأن الجزاء من جنس العمل»! مشيراً إلى أن ما قام به الطيار الشاب يجعله يستحق هذا العقاب.. كما حملت هذه المواقع تفسيرات وتحليلات غريبة لم نسمع بها من قبل عن (فقه الإحراق والتحريق).. وجوازه وأحكامه.
رباه.. في أي عصر نعيش؟! وبأي لغة نتكلم مع هؤلاء، وبأي فكر نتعامل به معهم؟! وكيف وجدنا أنفسنا بهذا المأزق «اللاحضاري» المرعب، وكيف تم حشرنا، أو كيف حشرنا أنفسنا في هذا النفق المعاصر والمظلم؟!.. هل شفعت لنا أموالنا، أم زادتنا إيلاماً؟! ربما حين موّلنا من لا يستحق لنجد ما لا نستحق!.. هل أثمرت نظم التعليم وفضاءات الاعلام الموجهة لأبنائنا وشعوبنا، أم ضاعفت من جهلهم بأمور حياتهم المستجدة حين دفعناهم إلى كتب التاريخ والتراث وحكاياته للعيش فيها منفصلين عن واقعهم؟
هل فتحت لنا الحرية النسبية أبواب المشاركة أم فتحت علينا أبواب جهنم باستغلالها من قبل جماعات استخدمتها للوصول إلى السلطة والشهرة، وأحرقت جسور الحرية بعدها حتى يتسيد فكرها ومنهجها؟
أسئلة كثيرة تُدير فكر العاقل وتُزيد الحائر حيرة!
ومع ذلك، هناك سؤال مستحق نجد أنفسنا مجبرين للإجابة عنه: هل هناك طريق للخلاص، وهل هناك سبيل لإصلاح الاعوجاج في هذه المسيرة، وهل هناك من أسلوب لحفظ شبابنا من الانحراف إلى هذا الفكر الضال والمضل؟! إنها مهمة صعبة، ولكنها مسألة ضرورية تحمل مسؤوليتها جميع الجهات الرسمية في الدولة ومؤسساتها المدنية للتعاون حتى تنجح في وضع تصور عام لخطة تقي الشباب مصارع السوء، وتحفظ أبناء الكويت من انحراف المسيرة وتوجه جهودهم إلى ساحات البناء لإعمار بلدهم، بدلا من ساحات المهاترات أو القتال.. وحتى لا نفاجأ بأبناء الثامنة عشرة والعشرين من أن يتقابلوا مع أبناء بلدهم أو أمتهم في ساحات الارهاب العبثي المدمر، كما حدث مع مجموعة المتطوعات و«الداعشي» الكويتي الشاب.. وغيره الكثيرون!
* * *
كم جميلة هي الكويت بحلتها المضيئة بأنوار فبراير، فمن ير النشاط والحركة في أسواق المباركية الشعبية، أو يمش بين متاجرها العامرة، ومن يستمتع بأسواق الكويت الحديثة أو السير على شواطئها في هذه الأيام وفي أجوائها الجميلة التي ترد الروح، يدعُ الله تعالى أن يحفظ الكويت وأبناءها وشعبها، وكل عام وأنتم بخير.. والله الموفّ.ق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى