Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي
أخر الأخبار

أكثر من مئتي ألف سوري غادروا تركيا هذا العام ،فهل نجحت المعارضة التركية ببث العنصرية تجاه السوريين والعرب؟!

حماكأحمد رياض جاموس*

لم تنجح توقعات السوريين في تركيا بانخفاض سخونة الحديث عنهم، بعد نجاح الرئيس أردوغان في ولاية ثانية، إذ لا يزالون موضع رصد قنوات الإعلام التركي المعارض، من تحميلهم كل ما هو ذو صلة بالحالة الاقتصادية والبطالة والتضخم المالي، فغالباً ما يتم إدراجهم في المسببات التي تجعل من قضيتهم أمراً شاغلاً للحالة الاجتماعية التركية ، وهو ما أدى لارتفاع الخطاب العنصري وتسجيل حالات اعتداء وقتل خيّمت بظلالها على السياح والمقيمين العرب من غير السوريين.

ارتفاع وتيرة الترحيل

لم يلبث فرح السوريين بنجاح أردوغان على منافسه كمال كليجدار أوغلو والذي كان يتوعد بترحيل السوريين إلى سوريا وإعادة العلاقات مع نظام الأسد، حتى بدأت عمليات الترحيل من الولايات التركية إلى الشمال السوري .

عمليات ترحيل وصفت بـ “العشوائية”، إذ طالت حتى من يملك أوراقاً نظامية، كما تم رصد حالات أُجبرت على توقيع ورقة تتضمن اعترافاً بالعودة الطوعية.وبحسب البيانات الصادرة عن رئاسة الهجرة، فقد غادر 21.634 سوري الأراضي التركية خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، فيما بلغ العدد الإجمالي للسوريين الذين غادروا البلاد منذ مطلع العام 205.894 شخص.

وكان وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، قد صرح أن “عمليات الترحيل، تستهدف المهاجرين الأجانب الذين يعيشون في الولايات التركية بطرق غير قانونية، أو الذين يعملون فيها دون تصريح رسمي، خاصةً اللاجئين السوريين الذين يخضعون لنظام الحماية المؤقتة لكنهم مسجلون في ولايات أخرى، مع التركيز على إسطنبول كونها أهم مركز أو محطة تجمّع للمهاجرين من مختلف الجنسيات”.

فيما تقول إحصائيات وزارة الداخلية التركية، إنه “يوجد حاليًاً مليون و206 آلاف و153 أجنبيّاً في إسطنبول وحدها، منهم 670 ألفاً و988 أجنبيّاً يحملون تصريح إقامة، و531 ألفاً و381 مواطناً سوريّاً يخضعون لنظام الحماية المؤقتة، بما في ذلك 3 آلاف و784 من المتقدمين للحصول على الحماية الدولية”.

الممارسات العنصرية بحق اللاجئين السوريين وتجاوزاتها زادت رغبة كثير من العائلات بمغادرة تركيا، ولا سيما في ظل الإجراءات غير الإنسانية التي تتعامل بها مع اللاجئين السوريين، وخاصة بعد زلزال شباط /يناير الذي ضرب ولايات في الجنوب التركي وشمال سوريا، وأدى لتضرر عشرات آلاف المنازل التي يقطنها أتراك وسوريون، إضافة لخسارة الكثير منهم مصادر رزقهم وأمتعتهم وأموالهم، وهو ما دفع المتضررين السوريين بالتوجه نحو الولايات الوسطى والشمالية، الأمر الذي لم يرق للحكومة التركية بعد تجاوز محنة الزلزال بأشهر، إذ اعتبرت بقاء السوري في الولاية التي هرب إليها مخالفة للقوانين، مطالبة إياه بالعودة لولايته الأصلية التي صدرت منها بطاقة الحماية المؤقتة (بطاقة شخصية- الكملك)، ومتجاهلة في الوقت نفسه عودة العائلات إلى نقطة الصفر على الصعيد المادي، وصعوبة إيجاد منزل يأويهم في ظل الدمار الكبير الذي سبّبه الزلزال، وارتفاع أجرة البيوت  الذي ظلت واقفة بشكل مبالغ فيه.

وتتحمل المعارضة التركية سبب موجات الهجرة والتي لا يبدو أنها ستتوقف شتاء، ولا سيما بعد نجاح أردوغان على نظيره كليجدار أوغلو، وهو ما رفع وتيرة عنصرية الأحزاب المعارضة والمتطرفة المفلسة والتي لا تملك إلا ورقة اللاجئين السوريين بوجه أردوغان، فضلاً عن لعب رجال من الدولة العميقة التركية دوراً في إعادة فكرة الانتماء القومي وترسيخها لدى فئة معينة للشعب التركي، وهو ما طال بآثاره الأتراك أنفسهم الذين ينتمون لخلفيات إسلامية.

التضخم.. هل يتحمله السوريون؟

في أعقاب الإعلان الرسمي عن فوز أردوغان في انتخابات أيار/ مايو الفائت، قدّم تطمينات بشأن التضخم الذي يعصف بالبلاد، إذ قال إن “القضية الأكثر إلحاحًا هي التضخم لكن حلها ليس صعبًا”، مضيفًا أن “التضخم سينخفض مثلما انخفضت أسعار الفائدة”.

وتعد مشكلة ارتفاع معدلات التضخم التي غذّت أزمة غلاء المعيشة،  هي أكثر ما يؤرق الشارع التركي، والذي يلقي بأسبابها على السوريين بالمجمل الذين ساهموا برفع إيجارات العقارات والعمل بأجور قليلة مقارنة بالعامل التركي، إضافة إلى الدعم الحكومي اللا محدود المقدم لهم حسب مزاعم الإعلام المعارض.

وبالعودة لتقرير صحيفة “Takvim” التركية، نلاحظ أنه بحلول آذار 2021، بلغ عدد الشركات السورية في تركيا 20 ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم، وحتى كانون الثاني 2022، أسهمت المؤسسات المملوكة لسوريين بتشغيل 500 ألف عامل من ضمنهم أتراك، فيما تجاوزت استثمارات رجال الأعمال السوريين في تركيا عشرة مليارات دولار، وبلغ إسهامهم في الصادرات ثلاثة مليارات دولار أمريكي إلى أكثر من 50 دولة.

كما توقّع تقرير صادر في أيلول 2019 عن “المنتدى الأورومتوسطي لمعاهد العلوم الاقتصادية” (فيميز)، الممول من الاتحاد الأوروبي، أن يرتفع تأثير اللاجئين السوريين من ناحية القيمة المضافة لهم في الاقتصاد التركي إلى 4% بحلول 2028، مع تشغيل مليون عامل سوري لاجئ في تركيا.

ورغم هذه التقارير، فقد اضطر كثير من اللاجئين السوريين نتيجة تحميلهم السبب بتدهور الوضع المعيشي والذي يؤثّر على السوريين أكثر من غيرهم، فضّل كثير منهم مغادرة الجغرافية التركية نحو أربيل ومصر وأوروبا، رغم تكاليف  السفر الباهظة من جهة، وما يتعرض الرحلة من مخاطر تهدد حياتهم من جهة أخرى في حال كانت الوجهة إلى أوربا، إذ تشير تقارير دولية لانتهاكات يتعرض لها لاجئون من جنسيات متعددة بما فيها سوريون من حرس الحدود اليوناني، إضافة لأعمال عنف تم توثيقها لا سيما على الطرق البحرية والبرية.

ووصفت التقارير، بأن “ممارسات اليونان هي ممارسات متعمدة ومنسقة للإعادة القسرية”.

بالمقابل وأمام هذه الواقع المأساوي، فإن موجات الهجرة لا تتوقف رغم ما يشوبها من حالات قتل وغرق وموت جوعاً وبردًا، وضياعاً ضمن الحدود الكبيرة في الغابات، فضلاُ عن الاغتصاب والاعتداء الجسدي والجنسي الممنهج من شبكات المهربين وقطاع الطرق وحرس الحدود في اليونان وبلغاريا.

رصد “فريق حماك” لقنوات في تطبيق تلغرام تنشط في التنسيق بين السوريين لعبور الحدود التركية واليونانية إلى أوروبا، لوحظ انتشار مقاطع مرئية كثيرة حديثة مرفقة بمعلومات تتحدث عن عبور أعداد كبيرة من المجموعات، واجتيازها الحدود اليونانية والبلغارية، وهو ما يفسر الحالة المزرية التي وصل إليها السوريون في تركيا، وأجبروا على المجازفة بحياتهم وأسرهم.

خطاب العنصرية يتصاعد

لم يتوقف الخطاب العنصري المعادي للأجانب والسوريين على وجه الخصوص، عند حد الاعتداء اللفظي، بل تجاوز ذلك لتسجيل حالات قتل وقعت خلال السنوات الفائتة، فيما تصاعدت وتيرتها خلال الأشهر الفائتة وطالت حاملي الجنسية، إذ حوّلتهم  لمواطنين من الدرجة الثانية، وحملة (الكملك) لدرجة ثالثة، رغم أن الدستور يمنع العنصرية أو انتقاص عرق أو دين ولكن عدم تطبيق القوانين التي من شأنها أن توقف امتداد خطاب الكراهية، سوف يؤثر سلبًا على السياحة في تركيا وعزوف المستثمرين العرب عن السوق التركية رغم  تصريحات الرئيس التركي، الشهر الجاري، حين وصف العنصريين بـ”أصحاب العقلية الفاشية” الذين يستهدفون المواطنين الأتراك على خلفية انتماءاتهم الدينية، أو اللاجئين.

ووسط تصاعد حملات التحريض والعنصرية، كانت المفوضية الأوروبية قد اعتمدت 4 برامج جديدة لدعم اللاجئين خلال العام الفائت، عبر تقديم مساعدات مالية للحكومة التركية بلغت 1.2 مليار يورو، وأشارت المفوضية حينها إلى أن هذه الأموال هي جزء من 3 مليارات يورو إضافية، تم الإعلان عنها في حزيران/يونيو 2021، بعد موافقة المجلس الأوروبي، بهدف مواصلة مساعدة اللاجئين في تركيا حتى عام 2023.بالمقابل، فقد نشرت مواقع مهتمة بالشأن التركي، قبل أيام، تأكيدات بتمويل الاتحاد الأوروبي مشروعًا لصالح اللاجئين السوريين بقيمة 781 مليون يورو، وهو مشروع دعم الاندماج الاجتماعي.

ختامًا: يبدو أن هذه الأموال التي تتلقاها الحكومة التركية من الاتحاد الأوروبي لدعم اللاجئين السوريين لا تعني شيئًا للسوريين المقيمين في تركيا أمام ما يعترضهم من ترحيل قسري بأشكال مختلفة إلى مناطق شمال سوريا المفتقرة لأدنى مقومات الحياة، فحسب تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، الصادر أول أمس، الثلاثاء، أن “سوريا مكان غير آمن لعودة اللاجئين إليها، وأن هناك انتهاكات جسمية من قبل أطراف الصراع قاطبة بحق مدنيين”. وهو ما يعني موجات هجرة جماعية جديدة من تركيا لا يبدو أنها ستتوقف رغم ما يعترض أصحابها من خطر الموت شبه المحقق، والذي ربما يكون أكثر من مصير مجهول على الأراضي التركية.

* صحفي سوري




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى