آراء

طوفان الأقصى وتغيير خريطة الشرق الأوسط


أحمد هلال_ كاتب وحقوقي مصري||
لا يزال تبعات ضربة حماس الاستباقية تشكل حدثا مهم للغاية من حيث التكتيك والتنفيذ والآثار التي ترتبت عليه.
نجاح الحركة في تنفيذ هجوم استباقي من 22 نقطة مختلفة وفي توقيت واحد متزامن ومتداخل ؛ ثم اختراق الجدار الأمني الصلب وفتح سبع ثغرات ثم هزيمة أنظمة المراقبة الأعلى تكنولوجيا في العالم بتحركات عبر وسائل بدائية كما وصفها بعض المحللين السياسيين 《لقد هزمت البدائية التكنولوجيا الأكثر دقة وتطور 》
والأكثر إيلاما وصداعا للبيت الأبيض والبنتاجون وتل أبيب هو عودة الفدائيين من نفس أماكن الهجوم بغنائم كثيرة ومكاسب جليلة أدهشت الجميع وحققت نجاحات كبيرة.
قطاع غزة يمثل حالة إنسانية متأزمه على مدى سبعة عشر عاما كاملة من الحصار اللاإنساني لسكان القطاع وتحويله إلى سجن كبير دون تحرك من المجتمع الدولي.
وإن من أهم أدوار المقاومة هي صناعة واقع جديد على الأرض من أجل تحريك المياه الراكدة وإعادة طرح القضية دوليا وإقليميا .
وبرغم أن الظرف السياسي الذي يحيط بالمقاومة غير مناسب مطلقا من حيث انبطاح كامل للأنظمة العربية الرؤساء والملوك الذين كشفتهم الحرب في غزة ، بالرغم من ذلك الا أن المقاومة قد إتخذت قراراها في ذلك المحيط البائس للغاية.
ولعل تلك الظروف السياسية قد تكون أحد ركائز الخديعة التى أذهلت العالم ولم يتوقعها أحد!!
لقد ارتبطت القضية الفلسطينية ارتباطا وثيقا بالأمة العربية والإسلامية وتتاثر إيجابا وسلبا بالظروف السياسية للدول العربية وخصوصا دول الطوق المحيطة بالكيان المحتل مثل سوريا ولبنان والأردن ومصر.
عندما قامت ثورات الربيع العربي تنفست القضية الفلسطينية الصعداء وباتت قاب قوسين أو أدنى من قرب انتهاء الأزمة الفلسطينية أو على الأقل تحريك الملف الفلسطيني تحريكا إيجابيا يعيد الحقوق والحريات والأمن للشعب الفلسطيني.
الانتكاسة التي حدثت للربيع العربي أدت إلى انتكاسة موازية للقضية الفلسطينية وزادت معها إعتداءات جيش المحتل علي القدس وغزة وتفجرت الأزمة بالاعتداء على حي الشيخ جراح والتوسعات الإستيطانية والاعتداءات المتكررة حول القدس الشريف؛ بل ولم تسلم الكنيسة من إعتداءات إسرائيل!!

كل تلك الأوضاع المتشابكة والمتناقضة أحدثت حالة من الإضطراب والسخط والتململ وإستحالة التعايش مع الأمر الواقع!!
إستعدت المقاومة لساعة الحسم واتخاذ القرار الصحيح في توقيت حرج وظروف يستدعي معها المقاومة أن تكون مستعدة لكل الخيارات وتوقع حدوث كل السيناريوهات، وإلا يعد هذا القرار من باب الإنتحار السياسي وتضييع القضية برمتها!!
أعتقد ان المشهد السياسي الإقليمي لايمكن أن يكون غائبا لدى قيادة المقاومة عندما كانت تستعد وتعد لتلك الضربة حيث أنها تدرك من سيكون في طرف المقاومة ومن سيكون على الحياد ومن سيكون خنجرا في خاصرتها.
تكشفت الأمور رويدا رويدا على الساحة السياسية وتتابعت ردود الأفعال واتضحت أشكال الدعم والمساندة وكذلك الخذلان والخيانة!!
عندما قامت أمريكا بغزو العراق وإستعدت لمعركة تدميرها صرح الرئيس بوش الابن أن تلك الحرب هي بداية الحروب الصليبية في المنطقة!!
ولكن سرعان ما أدرك خطورة ذلك التصريح ومدى تأثيره على المصالح الأمريكية وردود الفعل في العالم الإسلامي؛ سرعان ما تم التنصل من ذلك التصريح واعتبروه ذلة لسان!!
واليوم وأثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الكيان المحتل صرح بأنه ليس مجرد وزيرا للخارجية فحسب بل إنه أيضا يهودي ويدعم حق إسرائيل كاملا في الدفاع عن نفسها!!
استدعاء الإشارات الدينية من القيادة الأمريكية في كل مناسبة مواجهة في منطقة الشرق الأوسط فيه دلالة كبيرة على طبيعة وأسباب الحروب والمواجهات في تلك المنطقة بالذات!!
وفي تفصيل قادم في مقال قادم سوف نتعرض بالتحليل للازمة من تلك الزاوية.
إننا أمام مشهد جديد ومختلف سوف تتغير من بعده خريطة المنطقة؛واذا كان بنيامين نتنياهو يؤكد ذلك ويعيد تكراره من وجهة نظره وتخطيطه فإننا نلتقط منه نفس التصريح ونؤكد إنه سيكون هناك تغيير كامل للمنطقة وليس في إتجاه ما يتم ترتيبه الآن للمنطقة.
وللقصة بقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى