آراء

لماذا نسعى لمحاكمة المجرمين ؟

المحامي مبارك المطوع- رئيس التحرير

مازال يقيني أنّ الصمت عن الجريمة أكثر إيلامًا من الجريمة نفسها، وكل تبرير للصمت هو تغطية على الجرائم، وضياع للحقوق، وعلّمنا ديننا أن العقاب ليس لأجل العقاب كما كانت العرب تقول ” القتل أنفى للقتل” بل للحياة ومنع العدوان ،ورفض الطغيان، وألّا يفلت مجرم من العقاب .

ومن هذه المقدمة ؛أقول: لم ننطلق في توثيق جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين من دافع قانوني فقط بل ثمة جوانب أخلاقية وإنسانية تفرض علينا أن نعمل على تجريم من يقومون بتلك الجرائم وكذلك سوقهم للمحاكم الدولية المختصة بذلك، كذلك لابدّ من العمل على الجانب الإعلامي ببث الحقائق كما هي وليس رواية جانب واحد .

فقد تقدمنا مجموعة من القانونيين  من محامي الضحايا الفلسطينيين بشكوى للجنائية الدولية بشأن الإبادة الجماعية بغزة في يوم الخميس 09 من نوفمبر 2023 بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية  في لاهاي بشأن جرائم الابادة والتطهير العرقي التي ارتكبها ولايزال جيش الاحتلال الاسرائيلي في حق سكان قطاع غزة.

هذه المبادرة المدنية و المستقلة عن دعم أي دولة أو حكومة عرفت تضامن و انخراط ما يزيد عن 300 محامية ومحامي، و 116 منظمة حقوقية ومدنية من مختلف دول العالم. وقد استندت هذه الشكاية على القرار الصادر عن الغرفة التمهيدية الأولى لمحكمة الجنايات الدولية في 5 فبراير 2021 والقاضي بأن للمحكمة ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وفي سياق الإحالة المقدمة من دولة فلسطين في 2018 وقرار مكتب المدعي العام بفتح تحقيق في مارس 2021. و للعلم, فقد اجتمعنا كفريق  من القانونيين المحامين برئيس قسم الضحايا التابع للمحكمة وبفريق عمله، لمدة ساعتين ونصف، عبٌر فيها الفريق القانوني عن تحفظه على أسلوب عمل المحكمة وبطء تحركاتها ،وتعقد اجراءاتها، وطالب بتبسيط الاجراءات أمامها وعدم تعقيدها مع الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي ستعترضنا جميعا خاصة وأن كل الضحايا وأهاليهم لم تعد لهم الأوراق الثبوتية وبطائق الهوية، وغيرها من الصعوبات اللوجستية، كما عرف نقاشات حادة وانتقادات شديدة اللهجة موجهة للمدعي العام الذي لم يٌعرف سبب تخلفه عن القيام بالمهام المخولة له في النظام الأساسي!.

إنّ هذه الخطوة القانونية وما سبقها من خطوات قمنا بها على مدار سنوات مضت تهدف إلى تثبيت حقوق الضحايا، وعدم إفلات المجرمين من العقاب، وترسيخ مبدأ أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ،وأن السياسة لا يمكن أن تغطي على القوانين أو تحولها لمساومات وفق مزاج القوى الكبرى .

إن ما نسعى إليه من خلال مكتب جنيف لحقوق الإنسان ،ومن خلال التوثيق الدقيق لتلك الجرائم ،ولاسيما ما تعرض له  المدنيون في غزة فضلًا عن الانتهاكات الخطيرة التي منع القانون الدولي الإنساني الاقتراب منها ، كالأعيان المدنية والمستشفيات أو حصار وتجويع المدنيين فضلًا عن عمليات التهجير الممنهج أن يكون لدينا محاكمة دولية على شاكلة نيونيبيرغ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى