آراء

التنمر (Bullying) الظاهرة الحديثة في مسماها القديمة في سلوكياتها وملامحها ووجودها..

صافي محمد مظهر أحمد

التنمر هو ممارسات عدوانية تتبلور بالاعتداءات اللفظية أو الجسدية أو المعنوية وحتى العاطفية وغيرها، وحيث أن هذه الظاهرة ليست منفردة ببيئة معينة أو مستوى اجتماعي محدد أو فئة عمرية بعينها، وليست ظاهرة فردية ولا تمارس على مستوى الأشخاص فقط؛ وإنما على المستويات الأسري والاجتماعي والسياسي أيضا كان لابد من الاعتراف بها وتفنيدها ورصد أنواعها ومستوياتها و اسبابها ونتائجها..
كانت هذة الظاهرة قبلًا منتشرة ولكنها غير محددة الملامح، وتنضوي تحت مسميات أخرى فتنمر بعض الآباء مثلا على الأبناء كان يندرج تحت مسمى الحزم التربوي مع أنه يرتكز بشدة على العنف والقمع والإقصاء وازدراء انجازاته والاستخاف بأفكاره .. وتنمر بعض رؤساء العمل على مرؤوسيهم يكنّى عنه بالحرص على المصلحة العامة وهو تسلط وتعالٍ وتحكّم متعمد وهكذا..
أما أسبابه:
فأهمها اضطراب الشخصية وعدم تقدير الذات؛ وذلك مرده إما لظروف أسرية أو مادية غير طبيعية أو مرض عضوي أو نقص في المظهر الخارجي يولد نقمة داخل المتنمر على أقرانه وعلى بعض الأشخاص في محيطه والذين يتلمس من خلال تعامله معهم أنهم أقل منه قوة..
وقد يكون الاكتئاب أو المشاكل النفسية أحد أسباب التنمر، وذلك لتفريغ شحنات من الضغط النفسي من خلال ممارسة السلوك العدواني على الآخرين، وإثبات التفوق الجسدي أو الفكري عليهم، وقد يكون التنمر أيضا سلوكا اجتماعيا مكتسبا يعتاده الشخص بسبب مشاهداته لممارسات العنف والتسلط والإقصاء والعزل وغيرها في محيطه الاجتماعي المقرَّب، فيستسيغها ويستمرئ تطبيقها على غيره..
ويعد التنمر الالكتروني حاليا من أبرز أشكال التنمر انتشارا، وهو الذي يتم عن طريق وسائل التواصل أو الرسائل النصية أو البريد الالكتروني كاتخاذ بعض الأشخاص مادة للتندر والفكاهة والسخرية أو حتى جنس بكامله دون آخر كالتندر بالسخرية من النساء ونسب النكد لهن والمكر أو أبناء بلد أو منطقة معينة بنعتم بالسذاجة والغباء أو أي صفة ذميمة يتم وسم جماعة بها بكاملها أو مثلا السخرية من أصحاب الوزن الزائد أو الصلعان فاقدي الشعر وغيرهم من المبتلين بنقص ما سواء فكريا أو شكليا أو سلوكيا،
أما الآثار النفسية والأضرار التي قد يلحقها هذا السلوك بمن يُمارَس عليهم فهي كثيرة تتدرج إلى أن تصل لدرجة بالغة الخطورة؛
فالتنمر يعتبر من أكثر الظواهر المؤثرة في سلوك الفرد ونفسيته وردات فعله التي قد تتراوح بين الانعزال أو الاكتئاب أو الجنوح إلى ان تصل في أقصاها للانتحار..
وقد ازدادت في الآونة الأخيرة المخاوف من هذه الظاهرة بسبب انتشارها بين الأطفال بشكل ملفت وتسجيلها نتائج يُدَقُّ لها ناقوس الخطر..
أهم أعراض التنمر:
تظهر على الشخص المتعرض للتنمر أعراض جمة أهمها الانعزال والانطواء على الذات يرافقه قلق وتوتر دائم، أو حالات مزاجية متقلبة، أو ربما انعدام القدرة على التركيز مصحوبا بالعصبية والغضب، وقد يطرأ على الشخص فقدان الشهية أو زيادتها بشكل ملحوظ..
أما علاج هذا الخلل عند المُتَنَمِّر والمُتَنَمَّر عليه فيكون بداية بتقوية الوازع العقدي الديني والأخلاقي، وتعزيز الرادع القيمي بإحياء قيم التسامح والمحبة واحترام الآخر وفكره ومظهره مهما بدا عليه اختلاف، أما بالنسبة للأطفال فمن الضروري تربيتهم في بيئة سوية منذ الصغر بعيدا عن العنف والتسلط والتهميش والنظرة الدونية للمختلف عنهم أو صاحب النقص أو العاهة ، والأهم من كل ذلك تعزيز الثقة بالنفس والرضى عن الذات والتقرب من الأبناء ومصادقتهم والتحري عما يزعجهم في الخارج، بالإضافة إلى تنمية المهارات والخبرات والهوايات واستثمار طاقات الأبناء ومقدراتهم وتوجيه ميولهم، وفي حال اكتشاف ميل بعض الأبناء لممارسة التنمر على أقرانه، أو تعرض أحدهم للتنمر لا بد من التواصل في الحال مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين للإحاطة بالأمر والسيطرة عليه قبل تفاقمه..
والأهم في مثل هذه الآفات الاجتماعية هو إطلاق ونشر حملات توعية لكافة الأعمار من باب الوقاية، كما يجب التعاون حكومات وجماعات وأفراد للقضاء عليها وعدم التهاون بها وإغفالها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى