دولي

“مولاي إني ببابك”.. بأوامر أنور السادات وبكلمة سر

أحمد رياض جاموس||

مَولاي إنّي ببابكَ قَد بَسطتُّ يَدي
مَن لي ألوذُ به إلاك يا سَندي؟

أقُومُ بالليل والأسحارُ سَاهيةٌ
أدعُو وهَمسُ دعائي.. بالدُّموُع نَدي

بِنورِ وَجهِكَ إني عَائذٌ وجل
ومن يعُذ بك لن يَشقى إلى الأبدِ..

هذه الأبيات هي مقدمة أعظم ابتهالات مصرية قد تسمعها..
لن تصدق لو قلت لك أنها كانت بأمر رئاسي واستخدمت فيها العمامة ككلمة سر إيذاناً بقبولها.

القصة ياسادة أنه  في عام 1972 احتفل الرئيس أنور السادات بخطبة إحدى كريماته، وكان من بين الحضور المنشد الديني الشيخ سيد النقشبندي والموسيقار بليغ حمدي والإذاعي وجدي الحكيم.
التقشبندي كان قد طار ذكره في الابتهالات والمدائح النبوية  واكتسب شهرة واسعة..


على عكس بليغ حمدي الذي طار ذكره أيضا ولكن في عالم الفن والغناء والألحان..

يلتفت السادات للنقشبندي وكان معجبا به، ليقول له أمام الحضور (أنا عايز أسمعَك من بليغ)، ويكلف وجدي الحكيم مراقب الموسيقى في الإذاعة المصرية بإتمام المهمة.

هنا بدأت حكاية مولاي إني بباك.

أمر رئاسيٌّ لا يمكن رفضه، لكن هناك مشكلة أن  النقشبندي أحس بالحرج لكونه أحد القراء ومن أتباع الصوفية ولا يمكنه التحول لمطرب.. خصوصا وأنه يعتبر بليغ حمدي مجرد موسيقار للأغاني الراقصة.

شعر حمدي بهذا الحرج لكنه كان ذكيا، فقد لجأ للشاعر عبد الفتاح مصطفى، وطلب منه أن يكتب له نصا دينيا مشحونا بالرضا والتسليم والرجاء والتوكل على الله وغير ذلك من المعاني التي تطغى على يوميات الشعب المصري المتدين.

عندما حصل حمدي على النص قال لسيد النقشبندي: سألحّن لك أغنية تعيش مئة عام.

تردد النقشبندي وتوجس قائلا لوجدي: «ما ينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة، على آخر الزمن يا وجدي هاغني!».

لكن وجدي أقنع التقشبندي واتفق معه على أن تكون عمامة التقشبندي كلمة السر، والاتفاق أن يدخل وجدي غرفة التسجيل بعد نصف ساعة حيث كان يسجل التقشبندي الابتهال بحضور حمدي،  فإذا وجد النقشبندي قد خلع عمامته، فإن هذا يعني أنه أعجب بألحان بليغ وقبل الابتهال، وإن وجده مازال يرتديها فيعني ذلك أنها لم تعجبه، ويتحجج بأن هناك عطلاً في الاستديو، لينهي اللقاء.

وعندما دخل وجدي بعد نصف ساعة فإذا بالنقشبندي قد خلع العمامة والجبة والقفطان. وقال لوجدي: (يا وجدي بليغ ده جن)».
ثم أنشدها النقشبندي وحققت نجاحا كبيرا..إذ اعتبرت من أجمل مغامرات التقشبندي ومن أرقى ما أنشد، وماتزال تشغف قلوب العرب في المشرق والمغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى