تحقيق يكشف مصير معتقلي تنظيم “الدولة” بالرقة شمال سوريا
كشف “المركز السوري للعدالة والمساءلة” في تقرير استقصائي، أن تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا على صلة وثيقة بمقبرة جماعية تقع بالقرب من أهم السجون الذي كان يستخدمها التنظيم في الرقة، ومن المرجح أن المقبرة تحتوي على رفات بعض المعتقلين من السجن ذاته.
وينظر التقرير الصادر عن المركز الیوم، الخميس 22 من شباط، تحت عنوان “سجن سد المنصورة التابع لتنظیم داعش سابقًا: التحقیق في مصیر المعتقلین” في وثائق التنظيم الداخلیة والبينات الشرعیة المستخرجة من المقبرة والمتاحة حصرًا للمركز “السوري للعدالة والمساءلة”، بالإضافة إلى الشھادة الشفوية المقدمة في المقابلات التي قام بھا المركز مع أكثر من 24 عائلة مفقود يزعم أنه كان يحتجز في سجن سد المنصورة.
ويوثق الروابط التي نشأت بين سجن “سد المنصورة” ومقبرة “السلحبية الغربیة” غرب مدينة الرقة خلال الفترة ما بين عامي 2013 و2016، ویتابع سير أشخاص محددين مرتبطين بالموقعين وبما في ذلك أشخاص لا يزالون مفقودين حتى الیوم.
ويرتبط إصدار التقریر بإطلاق خریطة تفاعلیة تظھر مواقع أكثر من 200 مقبرة جماعية ومركز احتجاز تابع للتنظيم سابقًا حدده “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، وتستند الخریطة وكذلك التقریر إلى توثیق مفتوح المصدر ومیداني جدید تم جمعه من قبل المركز و”فریق شؤون المفقودین” و”الطب الشرعي السوري” خلال آخر 18 شھرًا.
وقال المدير التنفيذي “للمركز السوري للعدالة والمساءلة “، محمد العبد الله، إن نتائج ھذا التقرير لا تلقي الضوء على طبيعة الاحتجاز والإخفاء القسري خلال فترة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” فحسب ، “بل يقدم أيضًا خيوطًا ملموسة يمكننا أن نتبعها ونحن نبدأ بمتابعة فحص الحمض النووي ونساعد عائلات في بحثهم عن أحبائهم المفقودين”.
ومن خلال تحديد فترات الاحتجاز لأشخاص مفقودين محددين في سجن “سد المنصورة” یمكن “للمركز السوري للعدالة والمساءلة” أن یبدأ حصر نطاق العينات الجينية المرجعية وتحديد ما يستحق الأولوية للفحص من العينات المستخرجة من مقبرة “السلحبية الغربیة”.
ولا يزال الغموض يكتنف مصير ومكان وجود الآلاف من السوريين الذين فُقدوا في المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” مثل الرقة، والحسكة، ودير الزور، إذ كانت هذه المحافظات مركزًا لسيطرة التنظيم في سوريا قبل عام 2017، عندما سيطرت “قوات سوري الديمقراطية” (قسد) بدعم من التحالف الدولي على شرق الفرات، بينما سيطر النظام بدعم من روسيا على غربه.
كما توجد آلاف الجثث المجهولة الهوية عقب انتشالها من مقابر جماعية ومن تحت أنقاض المباني التي دمّرها القصف.
ولا تزال عشرات الآلاف من العائلات غير قادرة على طيّ صفحة ألم فقد الأحبة لعدم معرفتها بمصيرهم، وإذا كانوا على قيد الحياة أم لا، بحسب التقرير.
وطيلة السنوات الثلاث الماضية عمل المركز مع فريق “شؤون المفقودين” و”الطب الشرعي السوري” (SMFT) بالرقة، في سياق التحقيق في قضايا المفقودين هناك.
وتولى المركز توثيق تفاصيل اختفاء نحو 600 شخص من المفقودين في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم في سوريا، وتعاون في هذه الأثناء مع الفريق من أجل إجراء التحقيقات والاستقصاءات المتعلقة بأماكن احتجاز أولئك المفقودين ومواقع دفن من قُتل منهم.
ويأمل بأن تفضي تلك التحقيقات إلى إمكانية تحديد هوية ضحايا التنظيم، ومطابقتها عن طريق الاستعانة بتحليل الحمض النووي.
كما يهدف المركز من خلال فهم طبيعة الأفراد المحتجزين في تلك المنشآت وخصائصهم، وربطها بالمواقع المحتمل أن تكون مقابر جماعية دُفن الضحايا فيها، إلى تضييق هامش احتمالات المطابقة لتحديد هوية أصحاب الرفات التي تم استخراجها من مقابر بعينها، وتبسيط عملية التعرف إليها مستقبلًا باستخدام تحليل الحمض النووي.
كما يتم استقصاء مدى إمكانية العثور على المفقودين أحياء في مرافق الاعتقال التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أو برفقة عناصر التنظيم المحتجزين في مخيم الهول وغيره من مخيمات إيواء النازحين، ولا سيما أن السلطات القائمة عليها غالبًا ما تمنع المُحتجزين في تلك المخيمات من التواصل مع العالم الخارجي، بحسب التقرير.
ويهدف المركز إلى تحديد هوية جميع الذين فُقدوا في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم في أنحاء متفرقة من سوريا، ولمّ شمل الأحياء منهم بأفراد عائلاتهم، أو إعادة رفات المتوفَّين إلى ذويهم لمواراتهم الثرى حسب الأصول.
وكالات