آراءدولي

العصيدان : عاصفة الحزم… وأحلام ساسان

د.حمد العصيدان:

د. حمد العصيدان
د. حمد العصيدان

لم تمض إلا سويعات قليلة على تصريح سفير إيران في الكويت عن الوضع في اليمن، والذي عبر فيه «الصلف» الإيراني في وجه العرب، حتى جاء الرد مزلزلا وغير متوقع، جعل ساسة بلاده كالمغشي عليه من الموت.

علي رضا عنايتي تحدث في حفل السفارة التونسية بالكويت ونقلت الصحف تصريحه في عدد يوم الخميس، ملمحا إلى نوايا بلاده وتهديداتها للسعودية والعرب عموما بعدم التدخل في الشأن اليمني، مؤكدا أنه «لا سبيل للحل في اليمن إلا بالحوار، ولا نريد أن نرى نسخة جديدة من سورية أو ليبيا هناك»، موصلا رسالة مفادها «أنكم إذا تدخلتم فسنتدخل ونحول اليمن إلى ساحة صراع جديدة كما يحدث في سورية وليبيا».

ولكن، وقبل أن يقرأ القراء تصريح عنايتي، صبّحت إيران وحليفها الحوثي ومن يؤيده من أزلام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، «عاصفة» تحمل معها كل «الحزم» الذي أعاد للأمة شخصيتها وقال لهؤلاء إن في الأمة رجالا عاهدوا الله ألا يتركوا الآخرين يعيثون في مقدراتها فسادا، وأن لدى العرب القدرة على وقف هذا التمدد الإيراني.

ولأن «الحديد بالحديد يفلح» ولأن الحوثيين في اليمن طغوا وتجبروا وظنوا أن لن يقدر عليهم أحد، فاحتلوا صنعاء وزحفوا نحو عدن، كان لابد من الرد، فجاءت «عاصفة الحزم» التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بدعم وتأييد كاملين من إخوته زعماء دول مجلس التعاون، فأصبح الحوثيون الخميس الماضي يلملمون بقاياهم، ويحسبون للقادم ألف حساب، لكن العاصفة لم تتوقف وأخذت ترمي أولئك الخارجين على القانون بحمم الحق، فولوا مدبرين لا يلوون على شيء، وهم يستنجدون براعيهم الرسمي، الذي لم يفق من هول الصدمة إلا ووجد العالم كله يؤيد التحالف الجديد الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ويضم عشر دول عربية دفعت بقواتها الجوية والبرية والبحرية للساحة، فما كان منها إلا أن «دانت ونددت واستنكرت وناشدت» لوقف هذه الحملة، وإن كانت تصريحات ساساتها لم تخل من الروح العنجهية بالتهديد بأن الصراع لن يتوقف عند اليمن وسيشمل المنطقة بأسرها!

ولكن ماذا تفعل إيران وهي ترى التأييد العالمي والإقليمي على وجه التحديد للحملة وللسعودية التي تهددها؟، فباكستان النووية أكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرض أمن السعودية للخطر، وتركيا «الناتوية» أعلنت الدعم اللوجستي للحملة مؤكدة أن تمدد إيران ونشاطاتها بدأت تزعجها، فهل ستقامر طهران بأي عمل وهي تقع بين فكي كماشة «إسلامية» عظمى تتمثل في باكستان جنوبا وتركيا شمالا، عدا دول الخليج غربا بما تحمله من قوة عسكرية ثالثة؟

لا أظن أن الساسة الإيرانيين سيجازفون بالدخول في حرب إقليمية لنصرة حليفهم الحوثي ظاهريا، فالعالم كله أيد، من أقصاه إلى أقصاه، حتى الحليفة القريبة من إيران، روسيا، لم يكن رد فعلها سوى إبداء القلق مما يجري والدعوة إلى حل سياسي. أما ما يتكهن به المحللون السياسيون والناشطون حول رد إيراني على مراحل، بدءا بما صدر من دعوة لوقف الحملة، ثم الدعم العسكري للحوثيين وأخيرا التدخل، فأعتقد أنه لن يحدث شيء من هذا.

محليا، نؤكد على وحدة جبهتنا الداخلية والوقوف خلف قيادتنا التي عملت وفق اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك، دون اصطفافات فئوية أو طائفية، فنحن أمام واقع يكتب تاريخا جديدا للمنطقة نرجو أن يكون لنا فيه مساحة تتناسب ومكانتنا خليجيا وعربيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى