منوعات

ثمار رمضان

موجز حماك :تنزيل

السعيد من وفقه الله لصيام هذا الشهر وقيامه إيمانا واحتسابا، والشقي العنيد من خرج منه كما دخل كالمفلس! والأسعد من حافظ على ثمار هذا الشهر العظيم، وتمسك بها وتعاهدها وعض عليها بالنواجذ، مع دوام سؤال الله القبول والسداد.
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا عمل عملًا أَثْبَتَه .[1]
قال معلّى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان! ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم!
يقول ابن الجوزي عن رمضان: شهرٌ جعله الله تعالى مصباح العام، وواسطة النظام وأشرف قواعد الإسلام، المشرف بنور الصلاة والصيام والقيام.[2]
كان سلفنا الصالح يتقنون أعمالهم ويتمونها، ثم يهتمون بعد ذلك بقبولها، قال أبو الدرداء : لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها.
وقال عبد العزيز بن أبي رواد حاكيا حال السلف رحمهم الله:  أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم، أيقبل منهم أم لا؟
تناولنا في هذا الشهر ثمار عديدة ومعاني فريدة ومزايا عظيمة، من توطين النفس على الاستسلام لأوامر الله ورسوله وترك المنهيات، وتحصيل التقوى والإخلاص، ومراجعة علاقتنا مع القرآن، وضرورة حفظ اللسان والوقت، والصبر على الطاعة ومشاق العبادة، والمواظبة على ذكر الله والدعاء.
 
المداومة على العمل الصالح:

من علامة قبول الطاعة أن توصل لطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية بعدها، فالحسنة تقول لأختها تعالي، والسيئة كذلك، قال أحمد: اللهم أعزني بطاعتك ولا تُذلني بمعصيتك.
هنالك توجيه نبوي بأهمية المداومة على العمل الصالح بعد رمضان، من خلال قوله عليه الصلاة والسلام(من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر )[3]، فديمومة الصيام في شوال تجعل المسلم يستشعر أجواء رمضان، بالتالي يبقى محافظا على ما كان يحافظ عليه طيلة الشهر الكريم.
يقول عليه الصلاة والسلام( إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ، قِيلَ: وما يَستعمِلُهُ؟ قال: يفتَحُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَيْ موتِه حتى يرضَى عليه مَنْ حَوْلَهُ ).[4]
يقول ربنا سبحانه( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )، توجيه رباني بضرورة المداومة على طاعة الله، دون كلل أو ملل، يقول البقاعي في تفسيره: أي دم على عبادة المحسن إليك بهذا القرآن الذي هو البلاغ بالصلاة وغيرها.
وعندما سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: أدْومُه وإن قَلَّ.[5]
 قال النووي: وفيه الحث على المداومة على العمل، وأن قليلَه الدائمَ خيرٌ من كثير ينقطع، وإنما كان القليلُ الدائمُ خيراً من الكثير المنقطع، لأن بدوام القليل تدومُ الطاعةُ والذكرُ والمراقبةُ والنيةُ والإخلاصُ والإقبالُ على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمرُ القليلُ الدائمُ بحيث يزيدُ على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة.[6]
ومن روائع سلفنا الصالح في المداومة على الصالحات؛ أن عائشة رضي الله عنها كانت تصلي ثماني ركعات من الضحى ثم تقول: لو نشر لي أبواي ما تركتها، وبلال رضي الله عنه كان يحافظ على ركعتي الوضوء، وسعيد بن المسيب رحمه الله ما فاتته تكبيرة الإحرام خمسين سنة.
ومن أعظم أسباب محبة الله المداومة على الأعمال الصالحة، كما في الحديث القدسي يقول ربنا( وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه:  كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه … ).[7]
يقول ربنا سبحانه( فإذا فرغت فانصب )، فَالْمَعْنَى إِذَا أَتْمَمْتَ عَمَلًا مِنْ مَهَامِّ الْأَعْمَالِ فَأَقْبِلْ عَلَى عَمَلٍ آخَرَ بِحَيْثُ يَعْمُرُ أَوْقَاتَهُ كُلَّهَا بِالْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ، ( وإلى ربك فارغب ) أي إليه لا إلى غيره.[8]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى