![](https://hmak.org/main/wp-content/uploads/2015/12/IMG_2866-240x300.jpg)
خاص – حماك
بقلم د . انجي فراج
![FlashAnnotate-1-146094969](http://hmak.org/main/wp-content/uploads/2015/12/FlashAnnotate-1-146094969-262x300.jpg)
لقد وهبنا الله عز وجل طاقات هائلة للتكيف مع هذا العالم المادي ، تحتل الطاقة العقلية فيه نصيب الصدارة أمام العالم في تحريك الإنسان طيلة حياته حتى يظن البعض إن العقل هو المولد الأساسي للطاقة البشرية والعاطفية ، ولكل العقل هو الشكل المادي الذي نستطيع قياسه ظاهريا وحتى من خلال اختبارات الذكاء المتنوعة .
العقل هو في نظري الحفيد المدلل للطاقة الروحية التي تعمل على إرشاده من بعيد وفي أوقات الصفو والصحو تارة ، وهو نائم تارة أخرى وفي أحلام اليقظة وأوقات الشرود وما إلى ذلك ، كما يرسل لنا أجدادنا برسائل عبر الزمن من خلال الحكم والمواعظ الرمزية التي تملك الكثير والكثير من المعاني التي نتعلمها عبر حياتنا بالصدفة أو نتجاهلها أو لا نتعلمها .
وتلعب( طاقة المشاعر العاطفية ) دور الوسيط الأبوي بين الجد الخبير الناصح (الطاقة الروحية ) وبين العقل الصغير( الطاقة العقلية )الذي يحاول جاهدا أن يبتعد عن نصائح الجد التي من وجهة نظره وهمية وغير قادرة على التكيف مع الواقع المادي ، حتى انه أحيانا يتصارع مع مشاعره ويفقدها القدرة على إرشاده .
فهذا العقل المتهور يبحث عن المتع والاشباعات اللحظية طيلة الوقت حتى وان كان يمر بأوقات من الصحوة العاطفية ولكنه يعاود كالطفل الصغير الذي يتعلم من التجربة المادية وليس النصح الرمزي الروحي ، فهذا حال الصراع بين الطاقات الثلاث في ابسط صوره حتى الحب يسعى جاهدا لإثبات صلاحياته ووجوده الأزلي والمطلق من خلال إثارة هذا العقل من وقت لأخر عبر العاطفة وعبر الحدس ، وقد وجدت في عبارات اوشو ابسط الصور واشملها للحديث عن الحدس .
الحدس هو عالم من الاحداث قائم بذاته ولا علاقة له بالفكر على الإطلاق ، مع أن بإمكانه اختراق الفكر ويجب علينا ان نفهم ان بامكان الحقيقة الاسمى وهي الحب ان تخترق الحقيقة الدنيا وهي الواقع وليس العكس ، فقد يظن البعض أن معطيات الواقع ومشاكله فرضت على حبه بالموت وتجاوز مرحلة الدفن والعزاء ولكن هذا لا يحدث مع حدس الحب فقد تفرض عليه حدود ولكنه يتخطى كل تلك الحدود في عالمه السرى فلكل انسان عالم سري يحقق فيه ما تخلى واقعه عنه .
فكينونة الحب يمكن ان تخترق الجسد والعقل معا وتبحث لها عن عالم مثالي خال من التعقيدات والعادات والتقاليد والمفاهيم والاحكام والاستنتاجات والنتائج فمن يحب يعيش الحب كحب ولا ينظر لما هو فات او ما هو آت
الحدس في الحب قفزة لا تحتاج خطوات حتى تصل اليها ولكنها تحدث فجاة بلا مقدمات وبشكل مفاجئ تفاجئك فقد تاتي في الوقت المناسب وقد تاتي في الوقت الغير مناسب وقد لا يأتي للآن ولكنك مترقب ولديك شغف حتى تحدث .
هذا ما يفعله الحدس مع الحب لذلك ينكر العقل دوما هذا الأمر لأنه اعتاد أن يقيم كل ما هو سبب ونتيجة ولا يجد تفسيرا لتلك الحالة فقد يقع الانسان ضحية الشخص الخطأ وغالبا ما يحدث هذا الامر فالتجاذب بين الموجب والسالب من اسرار هذا الكون فكل طرف يجد في نقيضه ما يثير فضوله اولا ثم ما يلبث يعتاد وجوده ويتلذذ في الاستماع لافكاره التي تخالفه ومن ثم يدمن هذا الشغف المصاحب وعندما يستيقظ يجد نفسه مع شخص غير مناسب وقد يكون الوقت غير مناسب لاحدهما او لكلاهما وغالبا يكون لكلاهما .
فنجد اليوم نماذج لا تعد ولا تحصى من الزيجات الفاشلة التي انتهت بالطلاق او الانفصال الذي يعد الاعدام الحقيقي للحب وللحدس معا فهو لم يصل للحرية بالطلاق ولم يستمر بحرية في الزواج .
ويظل دور الحدس مجهولا في تلك المرحلة فقد كان يناديك لكي تحب هذا الانسان والآن يناديك باستماتة للتخلي عنه كيف يعمل بهذا التناقض ، ولتفسير ذلك علينا ان نتاكد ان المخطط الكوني لا يعمل بعشوائية فهو محكم الصنع سبحانه – جل وعلا –
ووفقا للعقل هناك عالمان للوجود المعلوم والمجهول فالمجهول هو المستقبل والمعلوم هو الماضي والحاضر وهناك عالم الغير مدرك كما يسميه الصوفية وهو العالم الذي لا يمكن إدراكه بالعقل .
والحدس يعمل في عالم غير المدرك فأنت تتحرك تلقائيا في المبهم ولا تعلم ما هي الاسباب فقد تنشغل في امر لفترة طويلة من حياتك وتكتشف انك اهدرت اجمل سنوات عمرك لتحقق احلام غيرك ولم تحقق لنفسك اي شيئ ، لتكتشف مع الوقت ان الحكمة كانت من وراء هذا الوقت الماضي والاختيار الخاطئ هو توجيهك لا اراديا لاكتساب مزيدا من الوقت كنت في حاجة له وقتها .
فأنت لم تكن ناضح بشكل كافي لتتولى زمام طموحك بمفردك وكنت تحتاج لفرملة حتى تحدد من بعدها ما ستحققه فعليا وهو احق ان تحققه لنفسك وأسرتك وقتها ، فحبك لأسرتك ليس ضعفا حتى ان بذلت جهدا مضاعفا بأن تآكلت طموحاتك داخلك لسنوات فأنت بحدسك مع الوقت ستكتشف أن طموحك لم يكن فيه خير وأن الخير ينمو أسفل أحزانك وآلامك لسنوات فعندما تنضح حدسيا ستكتشف بنفسك الخير في الحب .
الفكر في الحب هو جهد لمعرفة المجهول بمدى استمرارية تلك العلاقة في المستقبل المجهول .
الحدس في الحب هو الا جهد لحدوث الغير مدرك في العلاقة والاحساس المسبق انه سيكون الخير.
فالشعور والاحساس بالحدس في الحب امر ممكن ولكن تفسيره غير ممكن .
انجوانا