زلوم : انهيار النفط حرب عالمية ثالثة
تقرير حماك
الخبير النفطي د عبد الحي زلوم : ما يجري الان فى العالم هو حرب عالمية بكل معنى الكلمة بين الولايات المتحدة ووكلائها وأتباعها ، وبين روسيا ودول البركس عموماً ، والرأسمالية المتوحشة لم تجد حرجاً لشن حرب عالمية ثانية كان حصادها مقتل 50 مليون انسان وتدمير بلدان بأكملها ، وهي اليوم تدير حرب عالمية اخرى – حرب طحن عظام – ليخرج منها العالم بشكل مختلف عن الشكل الذي بدا به.
الشعب العربي يدفع فواتير هذه الحروب من بترودولارات ومن بشر ومن حجر ونحن مسرح رئيسي من مسارح هذه الحرب .
بعض الهواة أو المغرضين أو الجهلة يذهبون شرقاً وغربا في تفسيراتهم حول انخفاض أسعار النفط أو بالأحرى من المسئول عن ذلك ؟ والجواب بسيط: أنها الولايات المتحدة فقط لاغير. حتى سنة 1970 كانت أميركا مصدرة للنفط وأصبح إنتاجها يساوي استهلاكها فقط في تلك السنة .
كانت تحافظ على فائض في مقدرة إنتاجها بحدود 3 مليون برميل يومياً ، تزيد الإنتاج متى أرادت تخفيض السعر وتخفض الإنتاج عندما كانت تريد رفع السعر. فقدت هذه الميزة عندما أصبحت مستوردة للنفط من 1970 إلى يومنا هذا.
وتم إعطاء هذا الدور المرجح كما يسمى إلى السعودية. (تُنسِّق) الولايات المتحدة مع السعودية للسيطرة على اسعار النفط .
عن هذا الدور قال أحمد زكي اليماني وزير النفط السعودي الأسبق مفتخراً:»لتدمير دول أوبك الأخرى، يكفي أن ندفع انتاجنا إلى أقصى طاقته، ولتدمير الدول المستهلكة، يكفي أن نخفض معدلات إنتاجنا «ولكن يا ترى من يملك القرار الحقيقي لاستعمال “قوة التدمير” هذه؟
الجواب واضح كما جاء في دراسة مادة الحالة في كلية الدراسات العليا للإدارة في جامعة هارفارد التي تقول: “السيطرة على سعر النفط وكمية انتاجه هما من ركائز الامن القومي الامريكي”. إذاً كمية الانتاج والسعر من ركائز الأمن القومي الأمريكي ومن البديهي أن الولايات المتحدة لا تجيره إلى أحد. وأن قرارا السعر وكمية الانتاج هما امريكيان 100%.
للدلالة على أن الولايات المتحدة تخطط سراً لخفض الأسعار لتحفيز اقتصادها نورد المثال التالي: في “دراسة سرية جداً ” لوزارة الطاقة الأمريكية وجهته الى وزارة الخارجية في 24/10/1984 جاء فيها ” سياستنا يجب أن تنحوا نحو هبوط أسعار النفط 30-40 بالمئة وذلك لمعافاة الاقتصاد الامريكي.”وفي برقية عاجلة من وزارة الخارجية الى سفارتها في لندن مشفّرَة سري جداً جاء فيها إن :” وزير الخارجية مهتم جداً بدراسة سريعة عن تأثير هبوط كبير في اسعار البترول”. كان ذلك في البرقية رقم 081715 المرسلة في شهر مارس 1985.
هبطت الاسعار من معدل 26 دولار للبرميل في شتاء 1985 الى اقل من (10) دولار للبرميل 1986. تماماً كاليوم كان هذا التخفيض لتحفيز الاقتصاد الأمريكي والي إنهاك الاتحاد السوفيتي الذي كان يحارب في أفغانستان.
ولكن لماذا تقوم هذه الدولة أو تلك بفعل يتنافى مع مصالحها؟ سأل أحد طلبة كلية البترول السعودية في الظهران، وزير بترول السعودية أحمد اليماني في يناير 1981، هذا السؤال: “المواطن السعودي الذي ينظر إلى السياسة النفطية الحالية سيجد بأن المملكة تنتج أكثر مما يحتاجه اقتصادها، وتبيع نفطها بأسعار أقل من المعدلات الجارية، بل أقل من الأسعار التي تبيع بها دول الخليج الأخرى . ومع ذلك فإن هذه التضحية تقابل بهجمات معادية من قبل الصحافة ووسائل الإعلام، بل وحتى من مسؤولين حكوميين كبار في الدول الغربية.
ألا تعتقد بأنه حان الوقت لأن نتوقف عن التضحية بأنفسنا في سبيل إرضاء مستهلكي النفط؟”. الجواب الذي لم يسمعه الساءل هو : لان الأنظمة تريد الحفاظ على انظمتها.
فالولايات المتحدة تجلس فوق حقول النفط! طبعاً فالقرار ليس قرارها لانه لو خفضت الانتاج اليوم إلى 3 مليون برميل فقط بدل عشرة لارتفع السعر إلى 120 دولار ولكان الدخل يعادل ما تحصل عليه اليوم بانتاج 10 مليون برميل .
من الرابح ومن الخاسر في هذه المعمعة؟
الرابح الأكبر هي الولايات المتحدة و الخاسر الأكبر هي الدول المنتجة للنفط خصوصاً الدول العربية في الخليج. ودع الأرقام تتكلم: تمثل ايرادات النفط 90% من صادرات السعودية %80 من دخل ميزانيتها وهي الأكثر تأثراً من الدول الاخرى إعتماد نيجيريا من دخلها على النفط 75%، روسيا 50% ، إيران 47% ، فنزويلا 40%.
هبوط السعر من 120 إلى 30 دولار يعني هبوط 90 دولار/البرميل. تستورد الولايات المتحدة حوالي 7 مليون برميل يومياً أي توفر 630 مليون دولار/اليوم أو حوالي 230 مليار دولار بالسنة. أضف إلى ذلك تحفيز الاقتصاد الأمريكي بفرق السعر للانتاج المحلي حوالي 360 مليار دولار / السنة . وهذا التوفير يذهب إلى جيب الشعب الأمريكي فقد هبطت أسعار البنزين والوقود والكهرباء في نفس الوقت الذي ارتفعت هذه الأسعار في الدول النفطية المنتجة!!!!
لو كان إنتاج دول مجلس التعاون 17 مليون برميل/ اليوم فالخسارة اليومية هي حوالي 1.53 مليار يومياً !!!