آراءدوليمحلي

الفضلي : أنت رجلٌ… والرّجال قليل

عبدالعزيز صباح الفضلي :الفضلي

يفرح بعض الأبناء الصغار عند قيامه بتصرف إيجابي، أن يُقال له: أنت رجل… ويزهو بعض الأشخاص إذا وقف موقفا فيه شجاعة أو كرم أو مروءة، أن يُقال له: أنت رجلٌ… والرّجال قليل.

ووصف شخص بالرجولة تأتي من باب المديح، ولذلك مدح الله تعالى بعض عباده، فقال: «من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، وقال: «رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله».

ولكي يكون الذَّكَرُ رجلاً بمعنى الكلمة، فلا بد أن تدل مواقفه وأخلاقه وتصرفاته على ذلك، وإلا فيكفيه وصف الذكورة.

الرجولة أن تقول الحق لا تخاف في الله لومة لائم «فسيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام ظالم فأمره ونهاه فقتله».

الرجولة أن تعفو عمن أخطأ في حقك مع قدرتك على الانتقام منه أو معاقبته، يروى أن إبريق ماءٍ سقط من يد خادم هارون الرشيد، وهو يصب عليه الماء فوقع في الإناء وتطاير الماء على هارون فخاف الخادم، وقال: والكاظمين الغيظ، قال هارون: كظمت غيظي، قال: والعافين عن الناس، قال: عفوت عنك، قال الخادم: والله يحب المحسنين، قال هارون: اذهب فأنت حر لوجه الله.

الرجولة أن تثبت على مبدئك ولا تحيد عنه مهما كان الترغيب أو الترهيب، لا أن تبيع ضميرك لكل مشتري، ولا أن تتنازل عن مبادئك مع أول محنة.

وأن يكون لك رأيك وشخصيتك وقرارك، لا أن تسير مع الناس حيث سار مركبهم في الخير أو الشر سواء، وفي الحديث: «لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تُحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا».

الرجولة أن تتطلع إلى معالي الأمور وتترك سفاسفها:

قد هيأوك لأمر لو فطنت له… فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

الرجولة أن تنصر المظلوم وتقف معه حتى ينال حقه، وأن تمنع الظالم من الاستمرار في بغيه، وفي الحديث: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، قالوا: ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: «تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره».

الرجولة أن تفهم حقيقة قوامة الرجل في بيته، والتي تعني الرعاية والعناية والحماية والتوجيه، والتأديب بما شرعه الله تعالى من وسائل، وأن تتذكر سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام حيث كان يقوم في حاجة بيته، وهو القائل: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».

الرجولة أن تتعامل مع العنصر النسائي الغريب عنك معاملة الرجال، فقد تلاقي صنفين من النساء، امرأة ابتليت بمرض امرأة العزيز، فتجمّلت وتعطّرت وتبرّجت ولسان حالها: «هيت لك»، وامرأة تحجّبت وتسترت، والجأتها الظروف إلى الخروج لقضاء حوائجها، ولسان حالها «حتى يُصْدر الرعاء وأبونا شيخٌ كبير».

فتعامل مع الأولى كتصرف يوسف عليه السلام الذي غض بصره وقال: «معاذ الله»، ومع الصنف الثاني تذكر موقف موسى عليه السلام، الذي قدّم مساعدته بكل مروءة وأدب «فسقى لهما ثم تولّى إلى الظل».

الرجولة ألا تتشبه بأقوال وأفعال وتصرفات النساء، وقد لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام المتشبهين من الرجال بالنساء.

الرجولة ليست بالطول والعرض، ولا بالمال أو المنصب، وليست بالشكل والمظهر وإنما بالأقوال والأفعال والأخلاق.

فاحرص على أن تكون ممن يُقال لهم عن حقٍّ وصدقٍ: «أنت رجل… والرّجال قليل».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى