Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقرير

الطائفية في العراق.. عن منهجية الحشد الشعبي بتهجير السنة

 حماك||

ما تزال قضية تعويضات أهالي المناطق العراقية عمّا لحق بمنازلهم وممتلكاتهم من حرق وتدمير، قامت به مليشيات طائفية خلال حربها مع تنظيم الدولة “داعش” تشغل تفكير الشارع العراقي، ولا سيما السني كون أغلب المناطق المتضررة هي مناطق سنية.

التفاف لتبرئة عناصر الحشد

“الأنبار، نينوى، وصلاح الدين”، من أبرز المحافظات العراقية التي لحق بمناطقها الكثير من التدمير، بعد أن تحولت إلى ساحة مواجهات عنيفة في وقت سابق من العام 2014 بين تنظيم الدولة والقوات العراقية المدعومة بمليشيا الحشد الشعبي الطائفي، وعقب انسحاب التنظيم منها، بسطت الميليشيات سيطرتها عليها بالكامل.

وفق معلومات حصلت عليها “حماك” من مصادر محلية في محافظة صلاح الدين، أن “المشتكين ممن طالبوا بتعويضات عن أضرار لحقت بممتلكاتهم أجبروا على تقديم شكواهم ضد “الإرهاب”، لا ضد “الأخطاء الحربية لعمليات الحشد الشعبي العسكرية”، فهناك فرق كبير بين الشكوى على الأخطاء الحربية التي ارتكبها الجيش والميليشيات المقاتلة من حشد شعبي وغيرها، وبين الشكوى على الإرهاب، إذ لا يوجد ضمن الشكوى على الأخطاء الحربية حقٌ عام، كما أن القضية تموت بمجرد حصول المتضرر على تعويضه.

صورة توضح موقع محافظات “صلاح الدين – الأنبار- نينوى”

بالمقابل، فإن الشكوى على الإرهاب -وهو ما يُجبر عليه المتضررون- هي بيت القصيد، إذ تحوّل القضايا إلى الأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب والذَين بدورهما يطلبان متهمين بناءً على عدد قضايا التعويض .

يشير مصدرنا، أنه يوجد لمحافظة صلاح الدين فقط 18 ألف قضية تعويض، ما يعني أن 18 ألف مطلوب لإلباسهم قضايا تضرر الممتلكات الواقعة في المحافظة، مضيفًا، أن القاضي ينظر إلى مكان ولادة المتهم، حتى لو كان بريئاً ويشتبه باسمه، ثم يعود إلى قضايا التعويض فينظر إلى عدد البيوت المتضررة في نفس منطقة ولادة المتهم، فيتم تحمليه مسؤولية الضرر بعد ممارسة ضغوط كبيرة وعمليات تعذيب ممنهج.

وهو ما يعني ابتعاد ميليشيات الحشد الشعبي وغيرها عن دائرة الاتهام وتحمل المسؤولية، وقد أدى ذلك بالعموم إلى إلغاء دور قاضي التعويضات، وتحويل كل القضايا إلى قاضي الإرهاب، باعتبار أن كل القضايا باتت مسجلة لديه.

“الحشد الشعبي” ذراع الحكومة الطائفي

العديد من الميليشيات العراقية، أبرزها الحشد الشعبي كانت تقاتل جنبًا إلى جنب مع الجيش العراقي، وبغطاء غير مباشر من قوات التحالف الدولي في العراق بقيادة أميركا، وقد أُسس لوجود دائم في هذه المنطقة الاستراتيجية لتأمين ممر بري خاص، إلى الجنوب من المعبر الحدودي الرسمي، يربط طهران ببيروت عبر بغداد ودمشق، وباتت هذه الميليشيات جزءًا لا يتجزأ من المؤسسة الأمنية العراقية، تتمتع بحصانة كبيرة وميزانيات هائلة وارتباط مباشر مع إيران.

 لا يقتصر وجود الميليشيات عند هذه المنطقة الحدودية الحساسة في الأنبار، بل يمتد ليشمل محافظات عدة في العراق، بعد ترويج الرواية بأن “داعش قام باستغلال النقمة السنية ضد نظام الحكم في العراق، وإعلان إقامة دولة الخلافة” المزعومة، في منتصف عام 2014 عقب السيطرة على مساحات شاسعة سنية من سوريا والعراق.

أمام عجز القوات الأمنية وانسحابها بدون قتال من أمام قوات داعش، وما تطرحه تلك الانسحابات من علامات استفهام لا تزال بلا إجابات شافية ليومنا هذا، أعلنت المرجعية الشيعية العليا فتوى الجهاد الكفائي، في 13 حزيران/ يونيو 2014، وتشكَّل بموجبها ما عُرف بالحشد الشعبي، والذي تجاوز ضمن بنيته  67 فصيلاً، وبقي محافظاً على استقلاله وصفته كتنظيم مسلح موازٍ للقوات الأمنية حتى 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، عندما أقر البرلمان قانون هيئة الحشد الشعبي، ليصير جزءاً من منظومة الدولة الأمنية بشكل رسمي.

مغامرة البغدادي زعيم داعش انتهت بكارثة دفع ثمنها الأكبر المكوّن السني، إذ حملت المكوّن الشيعي على الثقة فقط بوجود الميليشيات الضرورية والتي لا غنى عنها، ما نتج عن ذلك تغلغلها في مؤسسات الدولة، وبقيت الأكثر تطرفًا طائفيًا تسيطر على المناطق السنية العراقية بحجة حمايتها من عودة التنظيم إلى نشاطه فيها، إلا أن الحقيقة تكمن في ممارسة الحشد عمليات قتل ممنهج وإخفاء قسري، إضافة لعملية تغيير ديمغرافي واسع.

مركز جنيف الدولي للعدالة”، (منظمة غير حكومية) كان قد اتهم “الأجهزة المرتبطة بالسلطة القائمة في العراق ومن خلال أذرعها ووحداتها التي تأخذ تسمّيات وهياكل شتّى” بممارسة عملية “تطهير عرقي” و”تغيير ديموغرافي” في محافظة ديالى منذ عام 2016، وذلك بتواطؤ “عناصر برلمانية وسياسيّة… مقابل صفقات سياسية وتجارية”.

كما لفت تقرير المركز، إلى أن قضاء المقدادية هو الأكثر استهدافاً في محافظة ديالى، إذ تحدث عن الهجوم الذي شنته الفصائل المسلحة في 11 كانون الثاني/ يناير 2016، وجرى فيه إعدام 30 شخصاً، وجرح 60 آخرين، في عملية تصفية تلاها تفجير 13 مسجداً خلال الأيام اللاحقة، وقتل المصلين داخلها. وبحسب التقرير، جاب المسلحون المنطقة حاملين مكبّرات صوت ومرددين شعارات طائفية ضد العرب السنّة، لحثهم على المغادرة.

تهجير وقتل ممنهج

طالت حملة تهجير واسعة سكان قرية نهر الإمام التابعة لقضاء المقدادية منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد أن قتلت ميليشيا الحشد العشرات من أهلها، ثم أدخلوا 40 جرافة تولّت جرف البساتين بالقرية، كما أحرق عناصر الحشد المركز الصحي الوحيد في القرية، والمسجد المجاور له ودمروا ما لا يقل عن 30 سيارة وماكينة زراعية وحرق بساتين بمساحات واسعة و9 منازل بشكل كامل، فيما يعود سبب الإجرام الحقيقي إلى كون المحافظة تربط بين الحدود الإيرانية ببغداد.

كما تعد جرف الصخر التي حوّل عناصر الحشد اسمها إلى “جرف النصر” من النواحي الأولى التي استعادها الحشد الشعبي من داعش، عام 2014، وهجّر خلالها سكانها بحجة نزع الألغام، لتبقى مغلقة منذ ذلك الوقت حتى الآن، وليست جرف الصخر وحدها خاوية على عروشها بل أن الحشد يمنع الأهالي من العودة لمناطق أخرى، مثل العوجة وسد ناظم الثرثار.

من جهتها، وفي أيار/ مايو الفائت، قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، إنه يجب على السلطات العراقية اتخاذ إجراءات ملموسة للكشف عن مصير ومكان ما لا يقل عن 643 رجلًا وصبيًا اختفوا قسرًا في يونيو/حزيران 2016 على أيدي فصائل الحشد الشعبي، في سياق العمليات العسكرية لاستعادة الفلوجة مما يسمى بالدولة الإسلامية، وذلك في ذكرى مرور سبع سنوات على اختطاف الرجال والصبية.

وكان مسلحو الحشد الشعبي قد نقلوا البعض من الرجال والصبية الأسرى في حافلات وشاحنة كبيرة. إذ لا يزال مصير أولئك الذين تم نقلهم في هذه المركبات مجهولًا حتى تاريخ كتابة هذا التقرير. وعلى الرغم من المحاولات المتعددة التي بذلتها عائلات المختفين على مر السنين للضغط على السلطات لإجراء تحقيقات، إلا أنها لم تحصل على إجابات.

ودعت المنظمة السلطات إلى توفير التعويض وسبل الانتصاف، بما في ذلك دفع التعويضات وتوفير إعادة التأهيل، لأسر الذين اختفوا في يونيو/حزيران 2016، وإلى إصدار تشريع فعّال يجرّم الاختفاء القسري وفقًا للقانون الدولي.

لا بواكيَ على السنة

بعد حقبة ما بعد الموصل، عرقل ظهور قوات الحشد الشعبي، التي تُضفي عليها الحكومة المركزية الشرعية، ثقة السنّة، إذ ينظر السنّة إلى هذه القوات على أنها تتكوّن من “ميليشيات شيعية”، وبأنها عميلة طائفية لإيران.

في العام 2014، لفتت منظمة العفو الدولية الانتباه، في تقرير بعنوان “حصانة مطلقة: حكم الميليشيا في العراق”- Absolute Impunity: Militia Rule in Iraq، إلى جرائم عدّة منسوبة إلى جماعات تعمل تحت مظلّة الحشد الشعبي. 

وقد أشارت القيادة السنّية إلى هذا التقرير، في لقاءات مختلفة، باعتباره تبريراً لوجهة نظرها بشأن الحشد الشعبي. وبالمثل في كانون الثاني/يناير 2016، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً تدّعي فيه أن “ميليشيات أغلبها شيعية تقاتل الدولة الإسلامية، مثل كتائب بدر أو عصائب أهل الحق أو كتائب الإمام علي، قامت بانتهاكات منهجية واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.

ويعاني المكون السني من نزاعات داخلية والافتقار لهيكل قيادي واضح ما يعني استمرار حالة الانقسام، فضلاً عن المحسوبية التي تسبغها الدولة على الزعماء السنّة، سواء عن طريق السلطة أو المال، وهو ما يفقد المكون ككل الثقة بالشخصيات السياسية.

كما أن غياب المؤسّسات التمثيلية القوية-الأحزاب السياسية أو القيادة المتّسقة-جنباً إلى جنب مع الصراع الداخلي السنّي، هو الذي خلق أزمة التمثيل في الجماعة السنّية، وبالتالي سهّل بروز داعش حسب تقرير كارنيغي

وحسب موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي “cfr“، فإن العرب السنة يشكلون حوالي 15% إلى 20% من سكان العراق ويشكل الشيعة نحو 60% من العراقيين، والأكراد حوالي 18% من السكان، فيما ترفع بعض التقديرات نسبة سنة العراق لربع أو ثلث السكان، ويشكل السنة غالبية السكان في نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، إضافة لثلث سكان محافظتي البصرة وبابل في الجنوب، ونصف سكان بغداد قبل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وقبل أن يصبحوا أقل عدداً جراء التطهير الطائفي.

ومن المعلوم أنه لا يسمح للسنة بتشكيل قوات خاصة بهم أو الحصول على التمويل والسلاح، كما الحاصل بالنسبة لقوات “الحشد الشعبي” المرخص من الحكومة، وقوات “البشمركة الكردية” المرخصة أيضًا.

تابعنا في X

حقد طائفي يكشف المستور

في تموز/ يوليو الفائت، أثار رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، تفاعلاً واسعاً بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بعد كلمة أدلى بها في الحفل المركزي لحزب الدعوة الإسلامية بمناسبة عيد الغدير.

وقال المالكي في مقطع فيديو: “في عهد بني أمية 70 سنة الإمام علي يشتم على منابر المسلمين، وهم يعلمون، ونحن عندما نقول عن الغدير وما ورد عنه لا نقول فقط عن كتبنا وإنما عن كتب كل المسلمين يذكرون هذا العيد ويذكرون هذه الحادثة ويؤيدونها ولكن الشيطان غلب عليهم..”

https://twitter.com/absolute9right/status/1677796887959568391?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1677796887959568391%7Ctwgr%5E89e61cb5f93a8e4a562d0742fa55c1f48f3c98db%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Farabic.cnn.com%2Fmiddle-east%2Farticle%2F2023%2F07%2F09%2Fnouri-almaliki-islam-amr-bin-alaas-social

وتابع المالكي قائلاً: “70 سنة الإمام علي يشتم حتى جاء الخليفة عمر بن عبدالعزيز فأوقف شتم الإمام علي عليه السلام وكانوا إذا خلصت صلاة الجماعة يصافح بعضهم بعضا بلعن علي هكذا تسبيحاتهم بعد الصلاة يتصافحون بلعن علي..”

تصريحات المالكي تؤكد أن للسنة أيام وسنوات مليئة بالمؤامرات التي ستحاك ضدهم بهدف تصفية أكبر عدد منهم، أو ممارسة ضغوط أكبر لدفعهم باتجاه حملات هجرة أوسع على غرار ما جرى للسنة في سوريا، مستهدفة ممتلكاتهم وأرزاقهم ومعتقدهم ورموزهم، وسط تعامي المجتمع الدولي عن إنصافهم أو الضغط باتجاه إجبار الفاعلين في العراق لسن قوانين تقوّي موقفهم وتمثيلهم الحكومي، على الأقل لمشابهة النموذج الكردي الحاصل في إربيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى