آراءمحلي

العصيدان :معارضة مشتتة وبأجندات مختلفة

 د. حمد العصيدان :

د. حمد العصيدان
د. حمد العصيدان

كشفت عودة الحراك من جديد، من خلال دعوة القوى والتكتلات على مدى الأسبوعين الماضيين أنصارها للتجمع في ساحة الإرادة تضامنا مع النائب السابق مسلم البراك الذي يقضي حكما بالسجن، كشفت تلك العودة أن «المعارضة» تشكو من عدم الانسجام، لا في المواقف ولا في الأهداف.

فعلى الرغم من اتفاق كل الكتل ــ المنظمة وغير المنظمة ــ أمثال «حشد» و«معك» وغيرهما، على تلبية النداء للتجمع في ساحة الإرادة تضامنا مع «سجين الرأي» مسلم البراك، فلم تصل الرسالة التي كانت النداءات تريد إيصالها. فالبراك أدلى بتصريح للصحافيين ليلة تسليم نفسه للجهات الأمنية، أمام العشرات من مؤيديه الذين احتشدوا أمام ديوانه، ومن ضمن ما قاله في التصريح إن «الحراك سيحقق أهدافه التي وضعها من حكومة منتخبة ورئيس شعبي وعودة نظام الأصوات الأربعة للانتخابات البرلمانية إذا وصل عدد من يحتشدون في ساحة الإرادة إلى 100 ألف».

ومنذ ذلك التصريح عمل نشطاء الحراك على استنهاض الشارع وتشجيعه لحشد العدد المطلوب في ساحة الإرادة، وفق رؤية البراك، ولكن الجهود كلها، ومع اتفاق كل القوى التي تنضوي تحت لواء الحراك، لم تستطع أن تحشد ولا حتى عُشر العدد المستهدف، ففي التجمع الأول الأسبوع قبل الماضي، احتشد العشرات في تجمع غير منظم، وفي صورة محبطة لمن دعا ومن عمل، ثم أعيدت الدعوة للتجمع يوم الإثنين الماضي فارتفع العدد قليلا وبتنظيم لافت من حيث الإعداد والسيطرة، ولكن الرقم لم يتجاوز درجة «المراتب الأربع» في ترتيب الأرقام، أي أنه لم يتجاوز عددا قليلا من الآلاف، فأين هو من الرقم المستهدف 100 ألف؟!

وإذا أخذنا بالاعتبار ما رافق الحشد الإعلامي من القوى السياسية لتشجيع الناس على التجمع، ولاسيما التصريحات من «كبار» الوجوه المعارضة «الحزبية وغير الحزبية» ومن مختلف ألوان الطيف السياسي المعارض، فإن النتيجة من ذلك كله كانت مخيبة، فطلب البراك بحشد الـ100 ألف يبدو بعيد المنال، على الرغم من الدعوات المستمرة لتجمعات «إثنينية» كل أسبوع، لاسيما وأن الشارع كما يبدو سئم حالة الشد والجذب، ولم يعد يرى أن لمثل هذا الاتجاه من نتائج في ظل استقرار الوضع السياسي برلمانيا، من خلال مجلس الأمة الذي أنجز كماً كبيراً من القوانين واستطاع نوابه إثبات وجودهم من الناحية الرقابية، ولاسيما بعد الجلسات الاستجوابية للحكومة التي اعتبرت سابقة في تاريخ العمل البرلماني، ثم أتت استقالة وزير الكهرباء والماء وزير الأشغال العامة عبدالعزيز الإبراهيم لتعطي هؤلاء النواب دفعا معنويا كبيرا، ورصيدا شعبيا، بعد رفعهم سيف الاستجواب بحقه بعد ما صدر منه من تصريحات اعتبرت مسيئة لهم وزادت التوتر الذي انتهى في مصلحة النواب ورفع أسهمهم باستقالة الوزير.

يضاف إلى ذلك كله أن جميع الكتل والمجاميع السياسية «المعارضة» لم تتفق على مشروع سياسي موحد، في ظل ما يشاع عن خلافات جوهرية بين رموز المعارضة، الأمر الذي يعني أن الحراك بلا هدف ولا فائدة ولا يرتجى أن يحقق شيئا، فابتعد الشارع عنه، والتقت إلى شؤونه اليومية والحياتية، وحتى يعود مرة ثانية للالتفات إلى المعارضة ودعواتها فإنه ينتظر منها شيئا واقعيا ملموسا، وهذا ما يراه الكثيرون بعيدا في المدى المنتظر على الأقل، ما لم يحدث اختراق ما يغير معطيات المعادلة الذي بطبيعة الحال سيغير المواقف على الأرض، ونحن ننتظر ونراقب، ونرى في ذلك صحة لكيان الدولة السياسي، فالحياة تستوجب أن يكون هناك طرف معارض يحدث توازنا في العملية السياسية، وهو ما غاب عن المشهد حاليا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى