

شملان العيسى:
رغم كل التحذيرات الحكومية والوعود باتخاذ اقسى العقوبات والاجراءات استمرت حالة التسيب العام ممثلاً بتكاثر «المتمارضين» أو التغيب بسبب حالة المرضى قبل عطلة عيد الاضحى حيث سجلت الارقام الرسمية من ديوان الخدمة المدنية 125 الف اجازة مرضية في فترة قبل العيد وكان نصيب الموظفين الكويتيين في المرضيات 115 الف حالة فمعظمهم من النساء بنسبة %76.5.
فيما بلغ عدد الاجازات المرضية الممنوحة للموظفين غير الكويتيين تسعة آلاف موظف اغلبهم في النساء كذلك، وقد ذكرت الزميلة جريدة السياسة الثلاثاء 14 اكتوبر ان عدد المرضيات التي منحت خلال النصف الاول في العام الحالي حتى شهر رمضان الماضي بلغ مليوناً و84 الف يوم كبدت الدولة اكثر من 19 مليون دينار.
السؤال الذي على الجميع طرحه الى متى تستمر حالة التسيب وعدم الاكتراث واللامبالاة في الالتزام تجاه العمل في الحكومة؟
ومن هو المسؤول عن كل هذا التسيب العام؟ وكيف يمكن القضاء على هذه الحالة غير الطبيعية؟
ان المسؤول الاولى عن هذه الحالة هو «مفهوم الدولة الريعية» حيث ان الدولة النفطية ترعى المواطن وتهتم به سواء كان فردا منتجا أو حزبا مخلصا أو غير مخلص امينا أو غير امين على اموال الدولة.. فإذا كان الحكومة قد اتخذت نهج واسلوب عدم معاقبة الموظف المهمل والسارق والمتغيب والكسلان.. فقط لأنه مواطن كويتي مما يعطي الانطباع لمرضى النفوس من المواطنين بأنهم فوق القانون وانهم لن يتعرضوا للعقوبة ما داموا مواطنين.
السبب الثاني ان الادارة الحكومة تكدست فيها العمالة الوطنية بإعداد كبيرة جدا مما خلق حالة من البطالة المقنعة التي يقر بوجودها الجميع.. موظفو الدولة من المواطنين سواء كان أميا جاهلا أو جامعيا متميزا كلهم يخضعون لنفس نظام الترقيات وهو بالاقدمية أو بالمحسوبية والواسطة مما خلق حالة في عدم الاكتراث لدى الاغلبية من موظفي الدولة.
ثالثا: اعضاء مجلس الامة يعتبرون انفسهم حكاما رغم كونهم سلطة تشريعية وليست تنفيذية، النواب ما شاء الله عليهم يفرضون على الحكومة توظيف كل المواطنين سواء كانوا مؤهلين أو غير مؤهلين حتى اصبح جهاز الحكومة متضخما ووصل عدد الموظفين فيه حوالي 350 الف موظف، النسبة العليا منهم مواطنون بنسبة %93 وهنا تكمن المصيبة.. فكل من الحكومة والنواب يحاولون ارضاء موظفي الحكومة حتى اصبح يطلق على مجلس الامة «نقابة موظفي الحكومة» لأن كل مطالب النواب وانجازاتهم تتلخص بنهب المال العام عن طريق منح الرواتب والامتيازات غير المعقولة لموظفي الدولة.. مما خلق حالة من الارتباك لدى اجهزة الدولة.. لأن كل موظف يقف وراءه نائب مما افسد العمل في الجهاز الحكومي.
رابعا: لا توجد قوانين رادعة ضد من يتغيب سوى التهديد بخصم المعاش وهذا امر سهل يحصل الموظف على التعويض من خلال الاعمال الممتازة التي يحصل عليها الموظفون حتى المتغيبون منهم.. لأن الامور فالتة ولا توجد رقابة حقيقية.
خامسا: مادام مفهوم الدولة الريعية موجود التي تراعي فيها ابناء العائلات والقبائل والطوائف وغيرهم، اذن على من يطبق القانون.
واخيرا نرى بأن الامور في جهاز الدولة سوف تزداد فسادا وعدم الالتزام سوف يستمر مادام مفهوم «مال عمك لا يهمك» موجودا لذلك ننصح بتخلي الدولة عن بعض وزاراتها وبيعها للقطاع الخاص لكن ذلك لن يحصل لأن نقابة موظفي الحكومة لن توافق ونقصد بها مجلس الامة، كما ان الحكومة لا تريد التخلي عن هيمنتها.