الجوانب القانونية والسياسية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين (ج6)
الدكتور السيد مصطفى أبو الخير- خبير أكاديمي في القانون الدولي||
6 وتبنى الخطة موشي ساسون دبلوماسي كبير ومستعرب في دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية وقد لاقت الخطة تشجيعاً من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك وعدد كبير من الإسرائيليين وتم المصادقة على الخطة في اجتماع عقد في 13 أيار/مايو 1954م برئاسة وزير الخارجية وعدد من الوزراء الإسرائيليين ومعهم يوسف فايتس، واستمر العمل لتنفيذ الخطة بشكل سري لمدة أربع سنوات، إلا أنها فشلت بسبب التطورات السياسية في الشرق الأوسط في الفترة بين 1954/1958م وتسربت تفاصيل الخطة للصحافة، وتم ملاحقة العناصر الإسرائيلية في ليبيا من قبل رجال المفتي محمد أمين الحسيني.
49- عملية حفرفيرت: تم الإعداد لعملية حفرفيرت بتوجيه من رئيس الأركان الإسرائيلي وقتها وبعلم بن غوريون وفي إطار التحضير للعملية ارتكبت مجزرة كفر قاسم في 29 تشرين الأول/ أكتوبر1956م وراح ضحيتها 49 مدنياً فلسطينياً من القرية، وكانت تهدف إلى استغلال العدوان الثلاثي من أجل طرد المواطنين الفلسطينيين من عرب إسرائيل من المثلث الصغير إلى الأردن أثناء الحرب المحتملة معه، وقد تم إلغاء العملية بسبب عدم نشوب حرب مع الأردن لأن الأخيرة لم تقدم الذريعة للحرب.
50- خطة لجنة دانين سنة 1956-1957م([1]):وتنسب هذه الخطة لعزرا دانين رئيس اللجنة الرسمية لإعادة توطين لاجئ قطاع غزة، وهي لجنة سرية ألفها بن غوريون في كانون الأول/ ديسمبر 1956م لدراسة مقترحات توطين مئات الآلاف من اللاجئين من قطاع غزة خارج فلسطين عقب اجتياح غزة في 29 أكتوبر 1956م خلال العدوان الثلاثي على مصر، لكنها أمام تكدس اللاجئين الفلسطينيين في غزة سعت إلى إعادة توطين مئات الآلاف منهم في أماكن أخرى مثل العريش وبلاد عربية أخرى، وكذلك دول أوروبية عن طريق اللجنة الحكومية المشتركة للهجرة الأوروبية ولكن ذلك لم يحدث بسبب انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في مارس 1957م نتيجة ضغوط دولية لاسيما من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.
51- مشروع تامير([2]): قدمه أبراهام تامير، الأمين العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية حينها إلى الحكومة حيث وافق عليها الحزبين، العمل والليكود، وتقضي بتوطين 750 ألف فلسطيني في لبنان على أن يرتفع هذا العدد، إلى مليون لاحقا بحيث يتحمل المجتمع الدولي تكاليف توطين وإعادة تأهيل هؤلاء اللاجئين، وقام بدور الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين الرئيس الروماني نيكولاي شاوسيسكو، لكن الخطة لم تنجح.
الجوانب القانونية والسياسية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين (ج5)
52 – مشروع ايزنهاور([3]): هي دراسة بحثية وضعها الباحثان ريتشارد كرافت وجاك هيمر من دائرة الشرق الأدنى في الخارجية الأميركية تتضمن إعادة جزء من اللاجئين ويقدروا (100)ألف لاجئ وتوطين مجموعة اللاجئون هم مليون ونصف يشكلون (150) ألف أسرة تعيش في مخيمات في الأردن ولبنان وسوريا وغزة والضفة يكون ذلك الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة السلام في المنطقة، ثم إعادة (100) ألف لاجئ في المرحلة الأولى عام 1956-1957 وعودة (100) ألف عام 1959/1960م، ويتم تعويض أصحاب الأملاك الذي لا يرغبون بالعودة عن أملاكهم، ويتم توطين(160) ألف في سوريا و(125) ألف في الأردن، ويتم إنشاء صندوق بأشراف الأمم المتحدة لتوطين اللاجئين في مستوطنات ويخصص لكل أسرة منزل مع قطعة ارض زراعية.
53 – مشاريع التوطين في لبنان: قدم أكثر من مشروع للتوطين في لبنان أهمها مشروع النائبة الأمريكية اليانا روس الذي أقره الكونجرس في 28/10/2003م وتصريح المدير العام لوزارة الخارجية الأمريكية رون بروسر في 14/12/2004م عن مشروع تعده وزارته لتوطين الفلسطينيين في لبنان.
بعد استعراض مشروعات التوطين الدولية سالفة البيان تبين الآتي([4]):
– إن المشروعات التي طرحت عبارة عن مشروعات ودراسات خبراء بتكليف من الحكومة نفسها ولم تأت عرضاً أو نتيجة اجتهادات فردية.
– إن هذه المشروعات عرضت حلاً للمشكلة داخل الإطار الأمني الإسرائيلي وليس الحل السياسي، أي اعتمدت الرؤية الإسرائيلية لحل القضية.
– إنها لم تتضمن عودة اللاجئين إلى حدود ما قبل 1967م بل نصت علي إجراءات لنقلهم داخل الضفة الغربية غزة وتفريغ المخيمات من سكانها وتوزيعهم على دول وقرى ومدن يذوبون فيها.
– إنها تستند على تنمية اجتماعية واقتصادية ولا تتعلق بجوهر قضية اللاجئين وحل القضية الأساسية وهي تحرير فلسطين وإنهاء الاحتلال.
– أن الحكومات العربية وافقت سرا علي التوطين ورفضته علنا.
– أن الأمم المتحدة شاركت في مشاريع التوطين من خلال لجنة التوفيق الدولية متنكرة لذلك للقرارات التي أصدرتها الجمعية العامة ومجلس الأمن بشأن عودة اللاجئين، وقد شاركتها في ذلك جامعة الدول العربية.
– إن كافة مشاريع التوطين السالفة البيان لم تأخذ طريقها للتنفيذ بل بقيت نظرية رغم كثرتها وكثرة الضغوطات التي مورست لنقلها إلي الواقع.
– إن استمرار مشكلة اللاجئين يعني عدم الاعتراف بوجود إسرائيل التاريخي في المنطقة، واستمرار تلك الحالة الشاذة يسبب التوتر لإسرائيل وحدودها وللأنظمة العربية أيضاً ولذلك فإن الأخيرة لا تجد أمامها سوى أن ترفض رسمياً هذه الخطط والبرامج وأن تقبلها سراً؛ كما حدث في معظم مشاريع التسوية([5]).
[1] – نور الدين مصالحة: أرض أكثر وعرب أقل، سياسة الترانسفير الإسرائيلية في التطبيق 1949/1969م، المرجع السابق، ص: 66/71.
[2] – الدكتور/ إبراهيم دراجي، محاضرة حول مشاريع التصفية لحق العودة ألقيت في دمشق في ذكرى النكبة 57 نشر مقتطفات منها في صحيفة حق العودة، تحت عنوان “إسرائيل، أمريكا والتوطين” العدد (12) السنة الثالثة، تموز 2005م
[3] – الأستاذ / زياد الشولي، مشاريع التوطين وحق العودة، مرجع سابق. ص:7
[4] – الدكتور/ خالد محمد صافي، مشاريع التوطين للاجئين الفلسطينيين، بحث مقدم للمؤتمر الفكري والسياسي للدفاع عن حق العودة، 12-14 مايو 2006م، جامعة الأقصى، غزة. علي الرابط التالي
http://www.group194.net/?page=ShowDetails&Id=54&table=studies–
[5] – هآرتس، 26/6/2000، وردت ترجمتها العربية في: القدس العربي، لندن، 27/6/2000.