Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آراءصورة و خبر

مستقبل الوكالات الإخبارية الدولية على المحك

بقلم / د . محمد عبد العزيز

أستاذ الإعلام بجامعة منيسوتا

مرحبًا، احمد محمد

تلعب الوكالات الإخبارية دورًا رئيسًا في صناعة الإعلام العالمي فتعد أحد أهم مصادر المعلومات ، اذ تعنى بتقديم الخدمات الإخبارية المتكاملة لمختلف المؤسسات الإعلامية ، لذلك تبوأت مركز الصدارة في التعامل مع الأحداث العالمية عبر شبكاتها ومراسليها في مختلف بلدان العالم ، وتبقى ( البحث عن المصداقية والشفافية والحرص على الحيادية وتجنب الميول الشخصية والتوجهات الحكومية عند صناعة الأخبار وإعلانها  ، مرتكزات رئيسة للمهنية الصحيحة في صناعة الإعلام العالمي عبر مصادره الأولى ” وكالات الأنباء “.

لقد صنع وجود الإعلام الخاطف ” شبكات التواصل ” تحولاً كبيراً في صناعة الإعلام العالمي وفتح الفضاء الأزرق باباً واسعاً ومجالاً خصبًا بعد أن عبدً الأرض لانتشار الأخبار وزاد مساحة تأثيرها والتفاعل معها جماهيرياً ، وهيمنت « السوشيال ميديا » على مصانع الأخبار وبثها فأصبحت تهدد عرش وكالات الأنباء العالمية لاسيما في سرعة نقل الخبر وإتاحة تداوله عالمياً لحظة وقوعه ، ما تسبب في سحب البساط تدريجياً من تحت أقدام  تلك الوكالات خاصة بعد جنوحها عن القواعد المهنية المتعارف عليها وابتعاد معظمها عن جادة الصواب في صناعة المحتوى  بعد أن ظلت لعقود هي المصنع الرئيس للأخبار.

وقد أشارت دراسة موسعة لمركز أبحاث «بيو» الأميركي بعنوان «كيف تعيد وسائل التواصل الاجتماعي تشكيل الأخبار»، إلى أن أكثر من نصف مستخدمي «السوشيال ميديا» يشاركون في نشر أخبار ومحتوى إعلامي يتضمن نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو ،  بينما أظهرت نتائج استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة «آي إن جي» مع عدد من الصحافيين الدوليين، أن 50 في المائة من الصحافيين يعدون «السوشيال ميديا» مصدراً حياً للأخبار رغم عدم مصداقيتها في كثير من الأحيان، في حين أن 73 في المائة منهم أكدوا أنهم يستعينون بالمواد والمحتوى الأكثر قيمة ومصداقية بالنسبة لهم مثل مقاطع الفيديو والتغريدات، ولا سيما التي تخص قادة الدول. بل ويعتقد أكثر من 60 في المائة من الصحافيين، أنه لا يمكن لأي وسيلة إعلامية أو وكالة أنباء الاستمرارية من دون شبكات التواصل الاجتماعي التي أتاحت  الفرصة  للمواطن العادي للتعبير عن رؤيته للحدث  ونشره لحظة وقوعه  رغم عدم المهنية وضعف التوثيق والاحترافية الأقل وعدم التقيد بضوابط أو أخلاقيات  المهنة ، غير أن (السوشيال ميديا) أو الإعلام الخاطف قد خطف اللقطة من الوكالات وباتت الأقرب للجمهور، فأصبحت أداة لتشكيل وجدان الرأي العام خاصة بعد التعاطي السلبي ويغر المهني من  الوكالات العالمية مع أحداث عالمية شهيرة في أخر خمسة أعوام .

ويحصل العالم على معظم  أخباره من أربعة عواصم هي  ( لندن وباريس ونيويورك وموسكو ) وهي مقرات الوكالات الخمس الكبرى: رويترز البريطانية، وكالة الصحافة الفرنسية، وكالة أسيوشيتد برس الأمريكية، وكالة يونايتد برس انترناشيونال الأمريكية، ووكالة تاس الروسية.

ولهيمنة تلك الوكالات الكبرى خطورة جراء تحكم مراكز قليلة قوية في تدفق الأخبار والمعلومات ، ورغم قدم تلك الظاهرة التي بدأت بتحكم بريطانيا وفرنسا وألمانيا  ، وكان العالم مقسمًا إلى مناطق نفوذ موزعة بين وكالات الأنباء الثلاث رويتر – هافاس – وولف فتبيع هافاس الأخبار لدول أمريكا اللاتينية  وتبيع رويتر للشرق الأقصى بينما تبيع وولف لأوربا ، إلى أن ظهرت الولايات المتحدة وقدمت مفهوم التدفق الحر للمعلومات فبات مبدأً ملزمًا للجميع وإن كان محل شك في العقد الأخير ، لكن يبقى تحكم وكالات بعينها في صناعة ونقل المعلومات يزيد الهوة السحيقة بين بلاد الشمال الغني والجنوب الفقير، ما يولد آثارا ضارة على مختلف الصعد – الاقتصادية والاجتماعية والسياسية  ، وقد ظهرت جلية في الحرب اللاإنسانية الدائرة في الأشهر الأخيرة من عام 2023 ضد غزة ومآلات تحكم الوكالات الكبرى في نشر أخبار لا تتوافق مع الحقيقة الملموسة على أرض المعركة مما ينذر بمولود جديد للإعلام العالمي يهدد عرش تلك الوكالات الإخبارية الكبرى يقضي على القيود التي تفرضها على المعلومات ولعبها دور المصدر الرئيس للأخبار وصاحب المفتاح  ، وهذا المولود سيتفوق على ما يكنى بالإعلام الجديد الذي بات  مفردة قديمة، يقصد بها المواقع الإلكترونية، والآن تعد وسائل التواصل الاجتماعي هي الإعلام الجديد الخاطف ، ما أدى إلى اشتداد المنافسة مع وكالات الأنباء العالمية ، اذ إن نسبة كبيرة من رواد الشبكات الاجتماعية أصبحوا مراسلين ومحررين للأخبار، ومع ذلك يفضل معظم العاملين بغرف الأخبار خبر الوكالة عن خبر وارد من مواقع التواصل إن كانا متناقضين، رغم أن وارد  وكالات الأنباء مواد خام تحتاج إلى تصحيف وإعادة نظر.

لكن لا شك في أن وسائل التواصل وصحافة المواطن تمكنت من قلب  الطاولة في تغطية  الحرب على غزة وأماطت اللثام عن الحقيقة فرآها المجتمع الغربي بأم عينه واكتشف زيف بعض الوكالات الإخبارية الكبرى التي تعد مصدرًا لقنواتهم الفضائية . وعلى ذكر زيف بعض الوكالات وانصياعها للتوجه الحكومي الدولي فتهتم الصحافة الألمانية عبر تقارير مراسلي وكالاتها في غزة  بتقارير وروايات الجيش الإسرائيلي ويعرضونها من دون تشكيك وكأنها الحقيقة الوحيدة بينما يتم اغفال الرواية الفلسطينية عن عمد واضح .

بعض المتخصصين  يرون أن صحافة المواطن ربحت من الوكالات الجزء الكبير من دورها فالمغردون على « منصة  X » يمثلون وكالة أنباء بحد ذاتها،رغم تعزيز الوكالات بغرف أخبار إلكترونية (outside source) في محاولة لجذب الجماهير ، فضلًا عن السماح لبعض المراسلين ببث الكثير من الأخبار العاجلة، عبر حساباتهم الشخصية ، لكن تشكيك المتلقي في أخبار الوكالات ظهر بقوة في الحرب على غزة ، ونسوق مثالًا يؤكد بعد الإعلام العالمي  – ممثلًا في الوكالات الكبرى – عن المهنية في معالجة القضايا الدولية ، فقد تماهت  الوكالة  الألمانية في تغطيتها  للحرب على غزة  مع موقف الحكومة الألمانية من تلك الحرب إلى حد بعيد، فظهر التوازن في التعامل مع القصة شبه غائب في الإعلام الألماني الذي تغذيه الوكالة ، كما هو غائب في التصريحات السياسية ” تماهي مع التوجه الحكومي ” ،  فمنذ اليوم الأول  خرجت الصحف الألمانية بافتتاحيات تتحدث عن ضرورة أن تقدم ألمانيا الدعم غير المشروط لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، مستندة إلى المسؤولية التاريخية للدولة التي تسببت بـ«المحرقة» النازية، وتتعهد منذ ذلك الحين بـ«ألا يتكرّر ذلك»، وفي أعقاب اشتداد القصف الإسرائيلي على امتداد قطاع غزة وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، ورغم اتهام منظمات دولية لإسرائيل بخرق القانون الدولي واستهداف المدنيين بشكل عشوائي، ظل الإعلام الألماني يدافع عن استمرار الحرب، ويتجاهل أعداد الضحايا من المدنيين. وتعمد تغييب القصص الإنسانية الواردة من غزة بشكل كامل تقريباً، في حين تركز القصص على الضحايا الإسرائيليين.

ويبدو أن صراع البقاء سيظل قائمًا للوكالات الدولية الكبرى والمنافسة ستكون حامية الوطيس بين مختلف الوكالات التي ترفد مختلف وسائل الإعلام بأخبار العالم رافعة شعار ” نعرض أخبار العالم للعالم  كما نحب أن يراه العالم ، وفي ظل قتل لأبجديات القواعد المهنية من قبل تلك الوكالات وتحكمها في تدفق المعلومات يبقى التساؤل مطروحًا ، هل ستبقى الوكالات الكبرى قادرة في المستقبل على البقاء كرافد أساسي للأخبار رغم هذا العوار الذي شهدته صناعة الإعلام العالمي في الربع الأخير من العام المنقضي 2023 ؟

تاريخ الوكالات الخمس الكبرى

وكالة أسوشيتد برس AP –  Associated Press

وكالة أنباء أمريكية غير ربحية تأسست في مايو 1848، فتحت فروعا لها في لندن وباريس وبرلين عام 1931، ثم تغلغلت في السوق الأوروبية للأخبارإلى أن أصبحت  توزع الأخبار لـ 155 صحيفة – وتذيع أخبارها بـ 6 لغات ، في 43 دولة حول العالم.

2. وكالة يونايتد برس انترناشيونال UP1 .

وكالة أنباء أمريكية  ظهرت  في عام 1958 نتيجة دمج وكالة اليونايتد برس UP مع وكالة الأنباء الدولية NS، تعد واحدة من أكبر وكالات الأنباء المملوكة للقطاع الخاص في العالم ،  (United Press International) تقوم بتوزيع الأنباء  لعدد كبير من المشتركين في خدماتها التلفازية في أكثر من مائة دولة، ولها  نحو 528 مكتبا في دول العالم الأخرى فضلا عن 200 مكتب في الداخل .

3. رويترز البريطانية REUTERS

مؤسسة إخبارية دولية مملوكة لشركة تومسون رويترز، تأسَّست في لندن عام 1851 من قِبل الألماني بول رويتر إلى أن استُحوذَ عليها من قِبل شركة تومسون عام 2008 ، لديها حوالي 2500 صحفي و600 مصور صحفي في حوالي مائتي موقع حول العالم .تعد من أكبر الوكالات العالمية في مجال الأخبار والمعلومات، وتشرف على إدارتها 4 جمعيات للاتحادات الصحفية، وهي جمعيتا مالكي الصحف البريطانية ،ووكالة الصحافة المتحدة الأسترالية، ووكالة الصحافة النيوزيلاندية ،ووكالة برس آسوشيشن.

4. وكالة الصحافة الفرنسية AFP

تعد وكالة فرانس برس أو وكالة الأنباء الفرنسية وكالة أنباء دولية مقرها باريس تأسَّسَت عام 1835 باسم وكالة هافاس لتكون بذلك أقدم وكالة أنباء في العالم ، وعاودت نشاطها بعد أن تحررت فرنسا من سيطرة ألمانيا في 1944 ، وكانت مدعومة من قبل الحكومة الفرنسية، إلا أنها استقلت كليا في 1957 ،وأشرف على إدارتها مجلس يمثل الصحف والإذاعة والشعب إضافة إلى ممثل عن الوكالة نفسها. يعمل في الوكالة  2400 موظف من 100 جنسية مختلفة، وهي تبث الأخبار بست لغات – هي الفرنسية والإنكليزية والعربية والألمانية والإسبانية والبرتغالية – ولمختلف الوسائط النصوص والصور والفيديو والرسومات البيانية والبث الصوتي ، تستعين بخدماتها وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم وكذلك الشركات والمؤسسات والمنصات الرقمية ،  ويعتمد مصدر تمويلها الرئيس على اشتراكات عملائها كما تتلقى الوكالة دعمًا من الأموال العامة لأداء مهمتها ذات الاهتمام العام.

5. وكالة تاس الروسية

تمتلك أكبر شبكة إعلامية بين وكالات الأنباء الروسية ولديها 70 مركزا ومكتبا في المناطق الروسية و68 مكتبا تمثيليا في 63 بلد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى