آراءمحلي

الشيباني :قطع الطمع..!

د. محمد بن إبراهيم الشيباني:

محمد بن إبراهيم الشيباني
محمد بن إبراهيم الشيباني

إطلاق الإنسان لعقله العنان، أي أن يتركه يسترسل في الباطل في ما لا نفع فيه ولا فائدة، يؤدي به إلى الشر بمعناه الشامل، أي ان كان التفكير مثاله في صفة من صفات الله في الحق، أي معرفة أسمائه وصفاته العلى والشروح الموثقة المدللة بأدلة الكتاب والسنة الصحيحة، فستؤدي به إلى خير وبركة وعلم وإيمان، وإن كانت إرادة المرء معرفة الصفة لمعرفة ذات الله، وهو ما لا يقدر عليه عقل أو فهم أو تفكير البشر جميعهم من مسلمين أو غيرهم، فلن يصل إلى شيء، بل قد يؤدي به إلى ما لا تحمد عقباه من زيغ وإلحاد، وعليه هنا أن يقطع الطمع عن معرفة ماهية الصفة مثل اليد والقدم والوجه والسمع والبصر.. ويثبتها على ظاهرها الذي جاءت به من خلال الآية والحديث الصحيح من غير تأويل أو تحريف أو نفي، بل يثبتها كما جاءت من غير طمع في ذلك يد تليق بجلاله وكماله ليس كيدنا، وهو ما كان عليه الأوائل ولا يقول يد مثل يدنا أو سمع مثل سمعنا أو وجه كوجهنا إلى آخر ذلك، ولكن يقول يد تليق بجلاله وكماله «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير»، فيكون هنا أثبت الصفة ونفى الوساوس الشيطانية التي تقول: هل يد الله مثل أيدينا فيأخذه الشيطان إلى ما لا نهاية لأنه لن يصل إلى شيء، وهو ما زاغ به الفلاسفة والحكماء والمتأولون للصفات الأوائل، ولا يرد ما أثبته الله في كتابه لنفسه ورسوله له ولا يأخذ بقول من قال: «إنكم ساويتم الرب بالمربوب في صفاته»، وهذا لا شك باطل محض.

من هذا المنطلق، المهم القيم على بني البشر، أن يبنوا تفكيرهم على ما هو سليم لعقولهم وأفهامهم ونفوسهم، فيريحونها من عنت الوساوس الشريرة التي أهلكت الكثير من الناس الذين انشغلوا بمثل هذه الأفكار التي دمرت حياتهم وأرهقت نفوسهم وأتلفت صحتهم وعافيتهم وسهروا الليالي متابعة لفكرة من الأفكار أخذت منهم الليالي الطوال ولم يتوصلوا إلى شيء يذكر، فإذا خرج النهار عليهم فإذا هم في تعب ونصب وغم.

وما نيل الأماني بالتمني، والتفكير المرهق غير المسترشد بالدين والعلم والعقل السليم والمعقول من المنقول، مهلك، فكم من عليل كان سبب علته الاسترسال في التفكير الضار المهلك الأجوف الخالي من الفائدة والربح.  

  أيها الإخوان اقطعوا الطمع في تفكير يؤدي إلى هلاك الصحة والعقل والوقت والمال والدين.. والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى