صورة و خبر

تهامي يكتب :إدارة حكيمة وتربية بالأفعال


بقلم : محمد تهامي
إرث غني بالقيم والدروس تركها، يشمل فنون الإدارة الحكيمة والتربية الصالحة، ويجسّد كيف تكون القيادة الناجحة التي تمزج بين الجدّية والرحمة، وبين الحزم والتفاني. لم يكن مجرد رجل عادي، بل كان قائدًا بحكمته، ومديرًا بتفانيه، وربانيًا بطاعته التي تحدّثت بصوت أعلى من كل كلمات.

حب بلا حدود
كان عبد الفتاح تهامي مثالاً في التفاني، لم يكن خيارًا يمكنه التهاون فيه، بل كان شغله الشاغل وهدفه الأسمى، لم يوفر جهدًا أو وقتًا، ليضمن قدر استطاعته بيئة كريمة، حتى وإن كان ذلك على حساب راحته الشخصية، كان حاضرًا في كل موقف، وفي كل قرار اتخذه، كان يحسب الخطوات من أجل المستقبل، مؤمناً بأن الأبناء هم أعظم ثروة يستطيع الإنسان أن يستثمر فيها.

مداومة الذكر والطاعة
عاش رحمه مداومًا على ذكر الله وطاعته، مؤمنًا بأن الحياة المليئة بذكر الله هي الحياة التي تُباركها السماء وتُرشدها إلى الطريق الصحيح، كان يعلّم أبناءه أن الدعاء هو جسر العبور بين الجهد والنتيجة، وكان دائمًا ما يُلهج لسانه بالدعاء لأبنائه بالنجاح والتوفيق. إن دوام طاعته وذكره كانا مصدر بركة يتلمسها أبناؤه إلى اليوم، فلم يكن التفوق الذي حرص على أن يحققه الأبناء في دراستهم مجرد رغبة في النجاح المادي، بل كان انعكاسًا لإيمانه بأن الاجتهاد والذكر معاً هما سر الحياة المتوازنة والمثمرة.

وفاء نادر وأدب رفيع
تجسّدت أسمى معاني الوفاء والاحترام، في معاملته مع زوجه رحمها الله، كان يعاملها بحبٍ عميق وأدبٍ رفيع، يُقدّرها في كل صغيرة وكبيرة، ويُظهر بأفعاله كيف تكون العلاقات الزوجية القائمة على الاحترام المتبادل، كان يكرمها في كل لحظة، ويعلّم أبناءه من خلال تصرفاته كيف يكون الرجل شريك حياة بمعنى الكلمة، لقد شكّل احترامه وتقديره لها مدرسةً تعلم أبناؤه منها قيمة الوفاء في الحياة الزوجية، وأهمية التكريم المستمر بين الشريكين.

الاقتصاد في الحياة
كان- رحمه الله – يؤمن بأن السعادة الحقيقية لا تأتي من الإسراف، بل من الاقتصاد والاعتدال، لم يكن مُسرفًا، بل كان دائم الحرص على أن يعيش ببساطة وبتدبير حكيم، علّم أبناؤه أن المال ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق الاستقرار والسعادة الحقيقية، لقد عاش حياةً اقتصادية بسيطة، لم يبخل فيها على أبنائه يومًا، لكنه في ذات الوقت كان يُريهم كيف يمكن للإنسان أن يُسعد نفسه وأبناءه من خلال إدارة موارد الحياة بحكمة ووعي مهما كان الدخل بسيطًا.
الإرث الخالد وتربية الأجيال
لقد كان -رحمه الله- قائدًا حكيمًا وإداريًا محنكًا في كل أدواره، لم يكن إداريًا فقط في عمله، بل في كل تفاصيل حياته، بدءًا من ترتيب أموره الشخصية إلى إدارة منزله وأسرته، كان يعلم أبناؤه أن النجاح لا يأتي بالتمني، بل بالمتابعة الدقيقة والتنظيم الحازم، وأن القوة الحقيقية للقائد تكمن في قدرته على اتخاذ القرارات الصعبة بحكمة وتأنٍ، وفي قدرته على إدارة وقته وموارده

إنّ توازنه بين القيادة الحكيمة في الإدارة وبين تربية الأبناء بأفعال ناطقة جعل منه أبًا متميزًا، وقائدًا يقتدى به، لقد علم أبناؤه أن التفوق لا يأتي من فراغ، بل هو ثمرة الجد والعمل المستمر، وأن دعاء الوالدين، حين يُقرن بالعمل والجهد، يُضيء المستقبل ويزرع في طريقنا النجاح.

في ذكرى رحيله، أجدني أمام إرث لا يقدّر بثمن، إرث من القيم والمبادئ التي لا تموت، ومن الدروس التي تُرشدنا في حياتنا، رحمك الله يا والدي، ونسأل الله أن نكون على قدر أفعالك وإرثك العظيم.

اللهم يا من وسعت رحمتك كل شيء، اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم كما أفنوا أعمارهم في سبيل راحتنا، وتفانوا في تربيتنا، اجزهم عنّا خير الجزاء، وارزقهم من بركات الجنة ما تقر به أعينهم، اللهم إنهم قد رحلوا عنا بأجسادهم، لكن ذكراهم وفضلهم باقٍ في قلوبنا، فارزقهم مغفرةً تطهرهم، ورحمةً تظللهم، وسعادةً أبديةً في دارك الطاهرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى